Al Jazirah NewsPaper Friday  11/01/2008 G Issue 12888
مقـالات
الجمعة 03 محرم 1429   العدد  12888

نوازع
الطيب
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

 

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فنام عندنا فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت فيها العرق فاستيقظ فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تفعلين؟ قالت عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.

وما أحق هذا الطيب بقول القائل وهو الشيخ عز الدين الموصلي:

تنشق مسك أصداغي حلالا

فهذا الطيب من عرق الجبين

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو كنت تاجراً ما اخترت غير المسك إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه.

أهدى عبد الله بن جعفر لمعاوية قارورة من الغالية، فسأله كم أنفق عليها فذكر مالاً كثيراً، فقال هذه غالية فسميت بذلك.

وما أحسن قول أبي بكر الخوارزمي (توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة):

وطيب لا يحل بكل طيب

يحيينا بأنفاس الحبيب

متى تشمه أنف حن قلب

كأن الأنف جاسوس القلوب

وكان يوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مسك للمسلمين فيأخذ بأنفه لئلا يصيب الرائحة ويقول: وهل ينتفع إلا بريحه.

وقال جعفر بن سليمان الهاشمي في الطيب أربع خصال: لذة ومروة ومنفعة وسنة.

ولما دخل عمر بن عبد العزيز بفاطمة بنت عبد الملك بن مروان ابنة عمه أوقد في مسارجها تلك الليلة الغالية فقوم ثمن ذلك فبلغ عشرين ألف دينار.

سئل جالينوس عن منافع الطيب فقال: المسك يقوى القلب، والعنبر يقوي الدماغ والكافور يصلح الرئة، والعود يقوي المعدة، والغالية تحلل الزكاة، والمثلث ينشف العرق.

وقال ضياء الدين المناوي في المسك:

المسك أنفس طيب

مثل الشباب وزينه

إن كان للطيب عين

فالمسك إنسان عينه

وله في العود:

المندلي كريم

سقيا له ولغرسه

لما أراد يرينا

للهند نسبة جنسه

غدا على النار ملقى

يجود فيها بنفسه

وقال الشيخ زين الدين ابن الوردي:

تجادلنا أماء الزهر أزكى

أم الخلاف أم ورد القطاف

وعقبى ذلك الجدل اصطلحنا

وقد حصل الوفاق على الخلاف

ولبعضهم في مبخرة:

عطرت مجلسي بينة طيب

أعربوا شكلها بحسن البخاري

وإذا اعتل للنسيم بخار

اسندوا نحوها صحيح البخاري

وللشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة فيها:

ومبخرة تحكي المتيم في الهوى

تبوح بما تلقاه من شدة الكرب

تقول وقد نمت بعرف بخورها

أأكتم ما ألقاه والنار في قلبي

وقال آخر:

مذ باعني بالآسى لا

بالبان من أعطافه

حكموا بصحة بيعه

مع علمهم بخلافه

وله:

سرحت مشطى سائلاً

تصحيف قولي غالية

إن لم تجد برخيصها

فالنار منها غالية

وقال الشيخ جلال الدين ابن خطيب داريا:

حكيت في اللطف نسيج العنكبوت على

أني ظهرت لكم من جوهر قاسي

يكاد ن لا يراني غير ذي نظر

من اللطافة إلا طيب أنفاسي

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6227 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد