Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/01/2008 G Issue 12899
الثلاثاء 14 محرم 1429   العدد  12899
الأزمنة
إبراهيم العنقري
عبد الله بن إدريس

عرفت معالي الشيخ إبراهيم العنقري - رحمه الله - في وقت مبكر من بدايات صعوده في خدمة دينه وبلاده وحكومته.. كانت شبه زمالة في وزارة المعارف حينما كان مديراً عاماً لمكتب سمو وزير المعارف الأمير (الملك فهد بن عبدالعزيز) - رحمه الله - عام 1380هـ وكنت حينذاك مديراً عاماً مساعداً للتعليم الثانوي بالوزارة.

وكانت معرفتي به هنا في وزارة المعارف هي معرفتي به في مسئولياته الكبيرة بعد ذلك.. الرجل المهذب، كريم الخلق، بسام المحيا، لم أره يوماً مقطباً على كثرة ما يمر به من أمور محرجة بين مسئولياته، والأنظمة المتبعة وبين من يشكو إليه عسر قضاياه وهمومه، في هذه الوزارة، أو تلك، ويريد من (أبي مازن) حلها. وقد حضرت في مكتبه بوزارة الداخلية، حينما كان وكيلاً لها، بعضاً من تلك الاحراجات.. وكان حلمه، وأناته، وعدم انفعاله بجهالة بعض المراجعين.. عوامل أساسية لامتصاص غضب الغاضب والوصول معه إلى خروج صاحب الطلب أو الشكوى.. وهو راض أو - على الأقل - مقتنع بوجهة نظر المسئول. وهذه ميزة لا تتوفر إلا لمن كرمت طبائعه وتهذبت علاقاته بالناس.

لا زالت أذكر أني ذهبت إليه حينما كان وكيلاً لوزارة الداخلية، أستأذن الوزارة للسفر إلى مصر لمتابعة علاج أحد الأولاد هناك مع أحد أطباء العظام في القاهرة.. وكانت العلاقات بين البلدين - حينذاك - غير طبيعية.. رفض بكل أدب وذوق طلبي بالسفر إلى القاهرة، معللاً ذلك بقوله: (ألست تكتب ضد أفعال الحكم والإعلام في مصر من خلال افتتاحياتك (لجريدة الدعوة) وبجرأة غير معهودة؟ فهل تعتقد أنك ستسلم من أحابيلهم وأنت بين أيديهم..؟

ربما يحيكون لك مكيدة ليوقفوك في مشكلة مفتعلة من أجل إيذائك؟ أم أنت لا تتصور هذا؟) قلت: والله يا أستاذ إبراهيم أنا أقدر فضلك ونصحك لي نصح الأخ الشقيق على أخيه.. ولكن - كما يقول العرب - (صاحب الحاجة أرعن)..! وسفري إلى القاهرة أمر ملح لوجود طبيب عظام مشهور اسمه حسين عبدالفتاح، لعل الله أن يجعل الشفاء على يديه.

وجدت أن الباب مغلق تماماً دون سفري إلى القاهرة في ذلك الوقت.. فذهبت بأسرتي إلى (لبنان) ومستشفى الجامعة الأمريكية والدكتور عفيف النصولي وهو طبيب عظام جيد.. ولكن الله لم يحقق الشفاء على يديه وبعد سنة سافرنا إلى القاهرة وتم العلاج والشفاء من الله جل وعلا.

***

عندما استقال الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل من إدارة النادي الأدبي بالرياض اتصل بي الشيخ إبراهيم العنقري وكان ذلك الحين يقوم بعمل الرئيس العام لرعاية الشباب.. الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - أثناء سفره إلى إسبانيا للعلاج، يبلغني بتعييني رئيساً للنادي الأدبي بالرياض من قبل الأمير سلمان، ويطلب مني الموافقة والالتزام.. فشرحت له ما يعانيه النادي من ديون تبلغ قرابة (900 ألف ريال)! وقضية العلاقة (بجمعية الفنون والثقافة) وعدم وجود (مقر ثابت له).. قلت له: هل تحل لي هذه المشكلات الثلاث.. قبلت رئاسته وإلا.. ! قال إلا: لا؟ قلت دعني أذهب إلى الأمير سلمان وأشرح له الوضع.. قال نعم الآن أنصفت من نفسك.. وما سيوجهنا إليه الأمير سلمان سننفذه أنا وأنت.. أليس كذلك؟ قلت بلى.

قابلت الأمير سلمان في مكتبه وقلت له: إنني لا أرغب في رئاسة النادي إلا بتحقيق هذه الأمور الثلاثة.. وقد حققها الأمير سلمان.. بالتوالي. وكان للشيخ إبراهيم العنقري - رحمه الله - إسهام كبير في هذا المجال.

رحم الله أبا مازن رجل الأخلاق الفاضلة والشيم النبيلة والتواضع الجم.. وأسكنه فسيح جناته.











لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5156 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد