Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/01/2008 G Issue 12899
الثلاثاء 14 محرم 1429   العدد  12899
من لها سواك يا خادم الحرمين الشريفين
فضل بن سعد البوعينين

654 مليون ريال أمر بصرفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كمكافأة مقطوعة لمستفيدي ومستفيدات الضمان الاجتماعي لتأمين كسوة شتوية تعينهم على مواجهة موجة البرد القارص التي تمر بها البلاد، سبقتها معونات عينية تم إيصالها إلى فقراء المناطق الأكثر تأثراً بموجة البرد. إصدار قرار رفع مخصصات الجمعيات الخيرية، دعم الضمان الاجتماعي، وإنشاء صندوق مكافحة

الفقر. رفع الأجور، تخفيض أسعار البنزين، دعم الأرز وحليب الأطفال، تعويض المتضررين من السيول والكوارث الطبيعية، دعم الأعلاف المستوردة وتعويض أصحاب الإبل النافقة. إنشاء مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي التي قامت بتنفيذ العديد من مشروعات الإسكان التنموي في مناطق المملكة.

كل هذه الأعمال النبيلة تجعلنا نطلق صرخة استغاثة نيابة عن الفقراء والمساكين الذين نسيهم المجتمع، وافترستهم أنياب الفقر، ومخالب البرد، وآلام الجوع والعوز، إلى ملك الإنسانية، ونصير المحتاجين. إخواننا في مناطق المملكة، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، باتوا أشد حاجة ليد العون والمساعدة، وهل هناك أكثر حاجة من توفير المسكن الكريم لهم ولأبنائهم؟

بالرغم من مشروعات الإسكان الخيري التي تقوم بها مؤسسة الملك عبدالعزيز لوالديه، مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري وغيرها من مشروعات الخير، ما زلنا نسمع عن بيوت الصفيح، وحالات الوفيات الناجمة عن موجة البرد القارص.

الحكومة، وفقها الله، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، لم تدخر جهداً في سبيل دعم شريحة الفقراء، وإيجاد الحلول الناجعة للقضاء على هذه المشكلة الاجتماعية المؤلمة، وقد جنّدت طاقاتها المالية للقضاء على معضلة الفقر، إضافة إلى ما تقوم به بعض المؤسسات الخيرية، وأهل الخير والصلاح.

جهود جبارة لا ينكرها إلا جاحد بذلت وتبذل من أجل شريحة عزيزة على قلوبنا جميعاً، يحبها الله ورسوله، ويأمرنا ببرها ومد يد العون لها. الجهود الحكومية المباركة ما زالت في حاجه إلى دعم المجتمع، وحسن إدارة الجهات المسؤولة عن مكافحة الفقر لبرامجها الميدانية، العاجلة منها على وجه الخصوص.

ما زالت التقارير الصحفية تنقل لنا من أرض الحدث مآسي الفقراء وأحوالهم البائسة وحاجتهم لتدخل الجهات المسؤولة عن برامج مكافحة الفقر لمعالجة أوضاعهم على أرض الواقع.

خلاف إعلامي حول تقدير عدد ساكني بيوت الصفيح في مدينة عرعر نشب بين محمد الكلابي، من هيئة الإغاثة الإسلامية، وبين مدير الضمان الاجتماعي في منطقة الحدود الشمالية ونشرته صحيفة (الشرق الأوسط) في تغطيتها معاناة ساكني بيوت الصفيح بتاريخ 18-2-2008م.

ففي الوقت الذي يؤكد فيه محمد الكلابي وجود 850 من بيوت الصفيح، يعيش بها نحو 1300 أسرة، ويصل عدد سكانها نحو عشرة آلاف شخص، ينفي مدير الضمان الاجتماعي في منطقة الحدود الشمالية أن يكون عدد ساكني بيوت الصفيح في مدينة عرعر أكثر من 5000 نسمة.

حيث قال: (ليس لدينا إحصائية تفيد بعدد ساكني بيوت الصفيح، لكن من المؤكد أن عدد مَنْ يسكن هذه البيوت لا يتجاوز 5000 نسمة).

لم يعد الخلاف على عدد السكان مهما في هذه الحالة، فالأهم اجتثاث المشكلة وإيجاد الحلول العاجلة لها.

المشكلة تتمثل بوجود 850 من بيوت الصفيح وهي في حاجة عاجلة إلى أن تستبدل ببيوت دائمة يمكن أن تؤوي هؤلاء المساكين، أيا كان عددهم. هذا الخلاف الغريب يرشدنا إلى طريقة تعامل بعض مسؤولي برامج مكافحة الفقر، ومنها الضمان الاجتماعي، مع مشكلات المجتمع العاجلة، وسبب تفاقمها بالرغم من الأموال الضخمة التي رصدها الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبرامج مكافحة الفقر، ومساعدة المحتاجين.

يبدو أن الجهات الرسمية ما زالت تتعامل مع مشكلة الفقر من القمة الصغيرة وليس القاعدة، وهي تركز أكثر على المعونات المقطوعة بدلاً من إيجاد الحلول الدائمة لأهم معضلات الفقر، وهو المسكن الكريم؛ كما أنها لم تستطع حتى الآن حصر، وترتيب المتضررين والمحتاجين لخدماتها الإغاثية، وهو ما يؤكده قول مدير الضمان الاجتماعي ب(عرعر) من أنهم لا يمتلكون إحصائية تفيد بعدد ساكني بيوت الصفيح، المشكلة الأزلية لفقراء المناطق النائية.

أعتقد أن المجالس البلدية يمكن أن تحقق الحصر الأمثل لأوضاع المواطنين في مناطقهم حال إشراكهم في المهمة، ويمكنهم أيضاً المساعدة في توفير الأراضي المناسبة لإنشاء منازل الفقراء بالتعاون مع البلديات والأمانات، وتحديد المتطلبات العاجلة للفقراء والمساكين ومن لا مأوى لهم، وتسجيلهم رسمياً في مركز معلومات الضمان الاجتماعي، وإنشاء قائمة بيانات تحدث سنوياً وفق أوضاع المواطنين.

وكنت أشرت فيما مضى بأهمية إلى إشراك بعض الفقراء من أهل الرأي والحكمة في إدارة برامج (مكافحة الفقر) على أساس أنهم أكثر علماً بأحوال إخوانهم الفقراء، وأشد حرصاً على إنجازها في وقت قياسي. فبعض الأغنياء والإداريين لا يمكنهم استشعار معاناة الفقراء، وأهمية اختصار وقت تنفيذ المشروعات، إضافة إلى مبالغتهم أحياناً في تقييم كلفة المشروعات الخيرية عطفاً على البيئة والثقافة الاستثمارية التي قدموا منها، مما يحرم الفقراء من استغلال الميزانيات المرصودة بكفاءة تبعدها عن الإسراف والتبذير.

برامج مكافحة الفقر لم تعد في حاجة إلى الأموال بقدر حاجتها إلى الإدارة، واستشعار معاناة الفقراء وحاجتهم الماسة لتسريع تنفيذ البرامج الموجهة لهم.

مشكلة مساكن الصفيح باتت هماً يؤرق الحكومة والمواطنين، ويظهرنا بمظهر المتهاون في القضاء عليها، وإلا كيف نبرر بقاءها، وتفاقمها بعد أكثر من ثلاث سنوات على البدء في تنفيذ مشروع مكافحة الفقر، وقبل هذا وجود وزارة الشؤون الاجتماعية، صندوق الزكاة، والجمعيات الخيرية وممارستها أنشطتها الموجهة إلى الفقراء منذ تأسيس المملكة؛ هؤلاء أحق بالزكاة، الإغاثة، ومشروعات الإسكان الخيري.

(بيوت الصفيح) وهموم الفقراء والمساكين باتت في أمس الحاجة إلى تدخل والدنا صاحب القلب الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمعالجتها بعد أن عجز عنها من أوكلت لهم مهمة التصدي لها.

بيوت الصفيح في حاجة إلى مشروع طموح يمكن من خلاله القضاء على هذه المشكلة من جذورها.

(مشروع خادم الحرمين الشريفين للقضاء على بيوت الصفيح في عام) سيحقق للفقراء والمساكين أمنيتهم الوحيدة في هذه الدنيا وهي (امتلاك منزل العمر) الذي يسترهم ويحميهم من برد الشتاء، وحرارة الصيف، وأنياب الوحوش الضارية.



f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد