Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902
تستنزف ما يزيد عن 45% من إيرادات الأسر
الدروس الخصوصية عبء مع التضخم... وأولياء الأمر يطالبون بتنظيمها عبر القنوات الرسمية

«الجزيرة» - هلال القرشي

عندما تتجول في أحد الشوارع التجارية هذه الأيام تلفت انتباهك تلك الأوراق البيضاء التي يكتسيها السواد والتي تحمل بين جنباتها إعلانات لما يسمى بالدروس الخصوصية فهذا مدرسٌ متخصص في الرياضيات وآخر في الكيمياء وذاك وضع إعلانه للفيزياء هنا إعلان خاص بالجامعيين وآخر بطلاب الثانوية وهناك للبنين وهنا للبنات... إعلانات تكتسيها الشوارع بعد غفلة دامت أكثر من ثلاثة أشهر يفوق منها طلاب المدارس خلال هذه الأيام لاهثين وراء تلك الإعلانات للمدرسين الخصوصيين الذين تزدهر تجارتهم في هذه الأيام وترتفع أسهمهم خلالها عندما تقترب ساعة الصفر، فالميزانية العائلية مهددة هذه الأيام بمثل هذه المصروفات التي تستحوذ على جزء كبير منها مما يجعل الدروس الخصوصية تدخل بندا آخر على الأسرة من بنود الصرف الطائلة وتكون بذلك هي الأخرى قد ساهمت ولو بالقليل في زيادة مستوى التضخم نظير زيادتها للتكاليف المعيشية..

ظاهرة إقليمية

لم تكن ظاهرة الدروس الخصوصية ظاهرة محلية فحسب بل تعد ظاهرة إقليمية قد تصل إلى المستوى العالمي فالدكتور محمد أبو النجا المتخصص في أساليب وطرق التدريس يؤكد وجود هذه الظاهرة في عدد من دول العالم الأول والثاني والثالث ففي أمريكا تنتشر الدروس الخصوصية وفي ماليزيا لها جمهورها أما في العالم العربي فحدث ولا حرج عن وجودها بشكل كبير وخير دليل على ذلك ما تكتسيه جدران المحلات التجارية والمكتبات والمدارس من بياض الإعلانات عن الدروس الخصوصية التي تتوج بأرقام مدرسيها.

أساليب تسويقية ممنوعة

الأستاذ أ.ع قال لطلابه في أول حصصه في إحدى المدارس الأهلية بمدينة الرياض: (من أراد من طلابه النجاح فطريقه لذلك التسجيل في الدروس الخصوصية التي يقدمها وإن لم يحضر فالتسجيل ودفع المبلغ يؤهل الطالب للنجاح مباشرة دون أي مقدمات)، ويرى الباحث الإعلاني وليد الشهري أن هذه الممارسات الإعلانية والتسويقية الخاطئة من قبل المدرسين ينبغي أن توجد لها قوانين تحد منها وتضع الممارسين لها في محل المساءلة، ودعا الشهري إلى محاسبة المدرسين الذين يقومون بالإعلان عن خدماتهم من خلال جدران المحلات والأماكن العامة فهذا تشويه للمنظر العام إلا أن الأستاذ أ.ع يرى أن ذلك هو المكان الوحيد الذي يستطيع المدرس الخصوصي من خلاله الإعلان عن خدماته.

منافع متبادلة

يقوم المدرسون بالدعاية لبعضهم بطريقة تبادلية، فعندما يسأل الطلاب مدرسهم الرسمي عن المدرسين الخصوصيين المتميزين في مادة ما فإنه لا يلبث أن يملي عليهم عدداً من الأسماء التي قام بالاتفاق معها من الباطن على الترويج لهم مقابل الترويج له، ويرى الأستاذ سيد جويل أن ممارسة المدرسين لهذه العملية تخرجهم من دائرة المساءلة أو المعاقبة مع حصولهم على نسبة متفقة من القيمة نظير تسويقهم للآخر.

تدني الرواتب

برر عدد من المدرسين الخصوصيين ممارسة هذه المهنة بتدني الرواتب التي تقدم للمدرس المقيم بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار فرواتب المدرسين المقيمين لا تتجاوز 50% من رواتب المدرسين السعوديين وهذا ما يؤكده الأستاذ أحمد صبحي حيث يقول إن ممارسة التدريس الخصوصي أمر محتوم على المدرس المقيم فأنا أعيش في نفس المكان الذي يعيش فيه المدرس السعودي وأحتاج لنفس الاحتياجات المعيشية له وأضطر لسد عجزي الاقتصادي بممارسة هذه المهنة التي قد يرى البعض عدم صحتها. ومن وجهة نظر اجتماعية يؤكد الدكتور خالد الصانع أن تهافت المدرسين المقيمين على الدروس الخصوصية يعود لحاجتهم المالية أو لجشعهم.

عندما تتضخم الدروس

يرى اقتصاديون بأن الدروس الخصوصية ضليعة في مشكلة التضخم فالارتفاع المفرط لأسعار الدروس الخصوصية يعد أحد عوامل ضلوعها في زيادة التضخم فالدروس إن كانت أسعارها مناسبة تسبب أيضاً تضخماً يعاني منه المواطن فيما يتعلق في ارتفاع التكاليف عليه من خلال احتياج الأبناء للدروس الخصوصية التي تضر من خلال ممارستها لنوعين من التضخم وهي تضخم الأسعار وتضخم التكاليف، وتشير تقارير اقتصادية إلى أن الدروس الخصوصية تستحوذ على أكثر من 40% من إيرادات الأسر السعودية خلال فترة الاختبارات. ويشتكي المواطن محمد الفريجي من ما تلتهمه الدروس الخصوصية من راتبه الشهري خلال فترة الاختبارات خصوصاً حيث يحتاج أبناؤه الثلاثة إلى مدرسين خصوصيين مما يضطره لدفع 45% من راتبه الشهري خلال هذه الأيام.

شقق خصوصية

تفاجأت الجزيرة خلال جولتها بأحد المدرسين الخصوصيين الذي قام باستئجار أحد الشقق المجاورة لمنزله لممارسة التدريس الخصوصي فيها، وقد أعاد المدرس ذلك لكثرة الطلاب وتدريسه لأكثر من طالب في الساعة الواحدة آخذاً بفلسفة تخفيض السعر وزيادة المستفيدين فهو يقدم دروسه الخصوصية بنسبة تخفيض تصل إلى 60% مما يزيد كمية الطلاب الملتحقين بها ويؤكد أحد الطلاب المنتسبين لدروسه أن ما يدفعه للالتحاق بدروس هذا المدرس أرخص سعراً مقارنة بالمدرسين الآخرين.

أولياء الأمور ... أين الوزارة؟

يتساءل العديد من أولياء الأمور عن دور الوزارة في الحد من هذه الظاهرة وحفظ جيوبهم من الاستنزاف التي تتعرض له بشكل دوري من قبل هؤلاء المدرسين ويطالب زامل الراشد أحد أولياء الأمور بالسماح رسمياً بالدروس الخصوصية من خلال القنوات الرسمية المتاحة وتشجيع الوزارة للمدرسين مادياً ومعنوياً على المشاركة في هذه المشاريع، وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية والتعليم لديها عدد من التجارب التي لم تعد موجودة على أرض الواقع!








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد