Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902

نَصْرٌ بين حصارين
عبد الرحمن العشماوي

 

(كان حصار النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من مناصريه وأتباعه في شعب أبي طالب بداية حقيقيةً للنصر، وفي حصار المسلمين في غزةِ الإباء صورةٌ تذكرنا بذلك النصر برغم ما تسبِّبه لنا من الألم).

في الشِّعبِ كان لنا حصارُ محمَّدِ

كتبَ العدوُّ وثيقةَ الغدر التي

في كعبةِ الله الشريفةِ عُلِّقت

في الشِّعب كان حصارُ أَشرفِ مُرْسَلٍ

طال الحصار بهم فلم يستسلموا

تركوا طُغاةَ الكفر خَلْفَ ظهورهم

وسَمَوا بأفئدةٍ تعلَّق نَبْضُها

كان الحصارُ تقدُّماً وتألُّقاً

كان الطريق إلى الشموخ لأنَّه

كانت معاناةُ الحبيبِ وصحبه

كانت بدايةَ رحلةٍ نَحْوَ العُلا

طال الحصارُ وَجذْوَةُ الإيمان في

رفعوا أياديَهم إلى الله الذي

فإذا بليل الكفر يُنكِرُ نفسَه

الليل مهزوم أمام نهارنا

والحقَّ أكبر من جحافل باطلٍ

مَنْ ذا يُساوي بين عِزِّ نخيلنا

منْ ذا يُساوي بين نارٍ أُجِّجَتْ

هذا حصارُ الشِّعب كان تألُّقاً

ظلمٌ لمن قالوا: نريد حكومةً

ظلمٌ لأطفالٍ صغارٍ أصبحوا

ظلمٌ لمرضى صار رَجْعُ أنينهم

ظلمٌ لشيخٍ مرَّ شهرٌ كاملٌ

ظلمٌ، وصَمْتُ المسلمين حكاية

أنَّى يقوم العدل في الأرض التي

تشكو انحرافَ الناس عن سَنَنِ الهدى

لكأنني بالأرض تطحن نَفْسَها

وكأنني بالأرض غاضبةً على

وكأنني بالأرض تُنكر ما ترى

من مجلس الخوف المقيَّد بالهوى

لا خيرَ في دولٍ تنام قريرةً

يا غزَّةَ الأبطال صَبْرَكِ إنني

وأرى صمودَكِ لوحةً معروضةً

هذا الحصار وثيقةٌ مكتوبةٌ

واللهِ، إني أُبْصر الفجر الذي

رَمْزاً وكان بدايةً للسُّؤْدَدِ

لم يَرْعَ كاتبها مكانَ المسجدِ

واشتدَّ ظلمُ القاتل المتعمِّدِ

والأقربينَ له، وكلِّ موحِّدِ

وتعلَّقوا بالخالق المتفرِّدِ

يتنافسون على طبيعةِ جَلْمَدِ

بالله، إنَّ اللهَ أعظمُ مُنْجِدِ

وسُموَّ روح المؤمن المتعبِّدِ

مَلأَ النفوسَ بعزمها المتجدِّدِ

لُغَةَ الصمود ودَرْسَ مَن لم يَصْمُدِ

بالرغم من جَوْر الحصار الأَسْودِ

قلب الحبيب وصَحْبه لم تخْمُدِ

يرعى ويحفظ كلَّ داعٍ مُرْشِدِ

لمَّا رأى فجر اليقين من الغَدِ

والشمس أقوى من ضياءِ الفَرْقَدِ

تمضي بوهم منصِّرٍ ومُهوِّدِ

وشموخه العالي وبين الغَرْقَدِ؟

وبقيَّةٍ من جَذْوةٍ في موقدِ؟!

وحصارُ غَزَّةَ صورةٌ لم تَبْعُدِ

فيها بأحكام الشريعة نهتدي

يتشوَّقون لشمعةٍ لم تُوْقدِ

- لو يفهم الأعداءُ - صَوْتَ تَوَعُّدِ

لم يَلْقَ كرسيًّا، ولم يتوسَّدِ

سوداء تُخْبرنا بسوءِ المَشْهَدِ

تشكو مكابرة العدوِّ الأَنْكَدِ؟!

وضلالِ سَعْي الفاسقِ المتمرِّدِ

لمَّا تشاهد جَوْر هذا المعتدي

مِلْيارِنا المتثاقل المتردِّدِ

من هيئة الأُمم التي لم تَرْشُدِ

والنَّقْضِ حتى صار غيرَ مُسَدَّدِ

وعيون غزَّةَ في الأسى لم تَرْقُدِ

لأرى انبلاجَ الفجر أقرب موعدِ

في الأُفْقِ تَرْسُم قُدْوَةً للمقتدي

بمِدادِ إصرارٍ وأَحْرُفِ عَسْجَدِ

ما زال يُعلنه أذانُ المسجدِ

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد