Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902
أورشاليم أم يروشاليم؟ مدينة السلام أم مدينة الخوف؟
د. جمال الحسين أبو فرحة

(يبوس): هي أقدم تسمية لمدينة القدس، نسبة للعرب اليبوسيين، أول من سكن مدينة القدس، وقد جاء هذا الاسم في كثير من الكتابات الهيروغليفية باسم: (يابتى) أو (يابثى) وهو تحريف للاسم العربي (يبوس)؛ وقد أطلق على هذه المدينة المقدسة عديد من الأسماء منها: أورسالم، أورشاليم، يروشاليم، إيلياء، أريئيل، بيت إيل، بيت المقدس، القدس.. إلخ.

ويظن كثيرون أن هذا الاسم: (أورشاليم) اسم عبري لأنه يعني في قواميس اللغة العبرية (نور السلام)، وحقيقة الأمر أن هذه التسمية وإن كان لها معنى في العبرية إلا أنها ليست عبرية، ومن الصعب أن نصدق أن أسلاف هؤلاء الصهاينة كانت لهم مثل هذه الرؤية الحالمة المسالمة في يوم ما؛ إلا من رحم ربي منهم من النبيين والصالحين.

ويدل على ذلك أمور منها:

الأمر الأول: إن هذه الكلمة (أورشاليم) كما أن لها معنى في اللغة العبرية فإن لها معان كذلك في كثير من اللغات السامية الأخرى؛ فتأتي أحيانًا بمعنى: نور السلام، وأحيانًا أخرى بمعنى: مدينة السلام، كما هو الحال في اللغة السومرية مثلاً.

الأمر الثاني: إن مدينة القدس كانت تحمل هذا الاسم قبل دخول العبرانيين إليها أول مرة في تاريخهم في السنة الثامنة من ملك داود - عليه السلام - حوالي سنة (1050ق.م)، وذلك بشهادة نقش (تل العمارنة) الموجود في المتحف المصري بالقاهرة، والذي يرجع إلى عهد (امنحتب الثالث) وهو عبارة عن رسالة من حاكم القدس (عبد يحيبا) 1411 - 1375 ق.م إلى الفرعون.

الأمر الثالث: وهو الأهم، أن هذا الاسم (أورشاليم) لم يطلقه اليهود قط على هذه المدينة المقدسة ولكن الاسم الذي اشتهرت به المدينة على ألسنتهم فهو (يروشاليم) بمعنى: الرعب والسلام، أو السلام المؤسس على الخوف.

ولا شك أنه اسم يكشف لنا عن طبيعة الشخصية اليهودية، فاللغة مرآة للفكر، وعنوان للشخصية؛ وما أحوجنا إلى الوقوف على طبيعة هذه الشخصية، التي غدت مواجهتها قدرًا لا مناص لنا عنه، فهي لا ترضى باسم حالم مثل أورشاليم - اشتهرت به المدينة المقدسة - وآثرت عليه اسمًا من وضعها تعبر به عن طبعها.

ومن اللافت للنظر أو لعله من الطبعي أن الاسم الذي اختاره أعوان اليهود من الإنجليز والأمريكان وأطلقوه على المدينة المقدسة هو: Jerusalem أي يروشاليم لا أورشاليم؛ فمن المعروف أن حرف (J) في الإنجليزية يقابل الياء السامية لا الألف.

ولابد لنا هنا من وقفة، ومن تساؤل: بأي منهج يمكن أن يتعامل (الأورشاليميون) مع (اليروشاليميين)؟.. ولو حاولوا بمنهجهم وفشلوا في فرض رؤية السلام العادل على (اليروشاليميين) ولم يرض الأخيرون إلا بمنهجهم - منهج السلام المؤسس على الخوف والقهر - نهجًا للعلاقة بين الفريقين.. فهل يستمرون في المحاولة إلى ما لا نهاية.. وفي ذلك بلا شك هلكتهم!! أم لابد وأن يتعاملوا بالمنهج الذي لا مناص لهم عنه، ذلك الذي يفرضه (اليروشاليميون) ويقتضيه العقل؟!!

أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
عنوان المراسلات: المملكة العربية السعودية - المدينة المنورة - جامعة طيبة - كلية المجتمع - ص ب:2898


gamalabufarha@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد