إن مما يحز في النفس أن ترى بعض الحاضرين لصلاة الجمعة قد علاهم التثاؤب والكسل وأصابتهم السآمة والملل فعيونهم تغفو لحظة وتصحو مرة أخرى، ولو سألت أحدهم ما المحاور التي تحدث عنها الخطيب؟ لأجابك بكل صراحة: لا أدري والسبب في ذلك غياب عنصر التأثير.

هنا يبرز السؤال الآتي: ما الذي يجعل هذا الخطيب أكثر تأثيراً من غيره؟

هل السبب أنه يجيد اختيار موضوع الخطبة فيختار من المواضيع ما يناسب الحال والمقام؟ أم أنه استطاع أن يملك من مهارات الإلقاء ما لا يملكه غيره؟ أم أنه يتلمس حاجات الناس ومشاكلهم فيتطرق إلى التفاصيل الدقيقة لحل هذه المشكلات؟ أم أنه يترفق بهم فيختار أسلوب اللين والرفق ويبتعد عن التعنيف والغلظة؟ أم السبب أنه يذكر آيات كريمة وأحاديث شريفة فيشرحها بأسلوب سهل يصل إلى قلوب الناس وعقولهم؟ أم يهتم بالإحصاء ولغة الأرقام فيذكر منها ما يدعم خطبته؟

أعتقد أن المحاور السابقة جميعها تجعل لخطبة الجمعة وهجها وتأثيرها، وتجعل الحاضرين يقبلون على الاستماع بقلوب مشرعة وعقول متفتحة.

لذلك ينبغي أن تكون خطبة الجمعة مؤثرة حتى تكون رافداً مهماً من روافد تشكيل الوعي لدى الناس ومساهمتها بفاعلية أكبر في حل كثير من المشكلات التي يعيشها مجتمعنا، مثل قضايا الإرهاب، ومخالفة الأنظمة، وكثرة الطلاق، وازدياد حالات العنوسة، والرشوة والغش، وعدم المحافظة على الأعمال، والغلو أو التساهل في أمور الدين، والمخدرات والمسكرات، والفقر، والبطالة، إلى غير ذلك من القضايا التي تحتم على الخطيب أن يبذل جهداً أكبر في التحضير، والإعداد والإلقاء، وتلمس الوسائل التي تساعده، لتكون خطبته أكثر تأثيراً، وأعظم فائدة.