Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902
أين حقوق المشاة؟!
د. شبيب بن محمد الحقباني - جامعة الإمام

عندما تكتظ الطرق الرئيسة في المدن بالسيارات فإن من يريد قطعها من المشاة يكون قد ألقى بيده إلى التهلكة وعرض نفسه لخطر محدق، وما زلت أتذكر مشهداً مؤلماً وقع لعائلة غير سعودية اجتازت أحد الطرق في قلب مدينة الرياض فما كادوا يصلون للجانب الآخر من الطريق إلا وتسقط من طفلهم لعبة كانت بيده فتعود الأم بسرعة لأخذها لكن القدر المحتوم كان لها بالمرصاد فاختطفها قبل أن تضم إليها لعبة طفلها، هذه الأم -رحمها الله- صحيح أنها أخطأت في عدم إكمالها سيرها ثم التأكد من خلو الطريق لتأتي بعد ذلك باللعبة متى أمكنها ذلك، لكنها أيضاً ذهبت ضحية لعدم الوعي من قائد المركبة الذي كان يقود مركبته بسرعة فائقة وكأن الطريق حق له وحده دونما أي اعتبار بحقوق من يسلكه معه وبخاصة المشاة.

كذلك هي ذهبت ضحية لعدم تفعيل رجال المرور لما لديهم من أنظمة تكفل حقوق المشاة ونتيجة لذلك نجد عدم احترام طريق المشاة عند إشارات المرور، كما نجد قائدي السيارات لا يحترمون التقاطعات ولا التجمعات البشرية عند المساجد والمدارس والأسواق بل يطلقون العنان لسياراتهم على الرغم من وجود المطبات الصناعية التي وضعت للحد من هذه التجاوزات، بل إن بعضهم إذا ما أحسوا بأن أحداً من المشاة يهم بقطع الشارع قابلوه بسيل جارف من أبواق سياراتهم.

كما أنها ذهبت أيضاً ضحية لعدم الاهتمام من أمانة مدينة الرياض بوضع جسور مشاة في الأماكن المحتاجة، فمثلاً هل يعقل ألا نرى جسراً واحداً على الطريق الدائري بأكمله على الرغم من اشتداد الحاجة لأكثر من جسر فوقه وبخاصة أمام مبنى ساحة العروض بالدائري الشرقي وأمام الأسواق التي عليه؟! وهذه الجسور فضلاً عن أنها تخدم المشاة وبخاصة إذا ما زودت بسلالم كهربائية فهي تزيد الطريق جمالاً كما أن لها مردوداً اقتصادياً من خلال استغلالها في الدعاية والإعلان.

كما أنها أيضاً ضحية لكثير من أصحاب المحال التجارية الذين زرعوا لدى الصغير والكبير بمباركة من البلديات عدم احترام المشاة حين اغتصبوا حقهم في الأرصفة التي وضعت في الأصل لهم لحمايتهم من أخطار الطريق، لكن أصحاب المحال اعتدوا عليها فأشغلوها ببضائعهم المختلفة ونفاياتهم المتناثرة، ودفعوا المشاة إلى مشاركة السيارات في طريقها، معرّضين أنفسهم للخطر ليبتعدوا عن الحرج في التنقل بين هذه الأملاك.

علينا إذن أن نعترف بأن خللاً ما قد وجد ليسلب المشاة شيئاً من حقوقهم وعلى الجميع أن يقفوا أمام مسؤولياتهم ليعالجوا هذا الوضع القائم ليستقيم حالنا ونكسب احترام أنفسنا لنكسب احترام غيرنا.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد