Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902
المرور ومخالفة الجوال؟ وبيوت الله وهذه المخالفة؟
عبد الله بن عبد العزيز المعيلي - مساعد مدير إدارة معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية

في البداية الشكر الدائم والموصول على الجهود التي تبذلها إدارة المرور في جميع ما تتخذه من قرارات تهدف إلى سلامة مواطني هذا البلد المعطاء ومنها القرار الجديد وهو مخالفة الجوال أثناء القيادة ولم يكن هدفها الأول هو الكسب من وراء هذه المخالفة ولكن من أجل الحد من ظاهرة الحوادث التي تسلِبُ أرواح كثيرة وقد يعود سببها أحياناً أو في الغالب إلى استخدام الجوال أثناء القيادة ولكن مخالفة الجوال هذه طُبّقت لدى إدارة المرور فقط أثناء القيادة ولكن بقي لهذه المخالفة ظاهرة أعظم وأجل وهي المخالفة الصريحة مع الله عزَّ وجلَّ في بيوت من بيوته وهي (المساجد) هذا المكان الطاهر وضع للتقرّب له بأعظم أنواع العبادة وهي الصلوات المفروضة على كل مسلم ولكن من تمام هذه الصلاة الخشوع وكيف في هذه الأيام نخشع في صلاتنا ونسمع في كل مسجد هذا الجوال وجميع نغماته التي قد تصل إلى حد الموسيقى والغناء والعياذ بالله، ليس هناك أي جهة حكومية أو جهة رقابية سوف تضع عليك هذه المخالفة داخل المسجد وأنت ذاهب إلى لقاء ربك سوى خالقك سبحانه وتعالى.

لا يخفى على مسلم أهمية الصلاة في حياته وهي أم العبادات وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة. ونظراً لأهمية الصلاة فإن الله تعالى بلغها لرسوله الكريم في السماء.

وقد أفلح من أقامها بركوعها وسجودها وخشوعها كما قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، (سورة المؤمنون، آية 1-2).

وحيث إن المساجد هي بيوت الله التي تُؤدى فيها هذه العبادة كما قال في سورة النور: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (سورة النور، آية 36)، وقوله: {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} (سورة البقرة، آية 43).

وما سمعته عن خبر عن إدارة المرور لقرار يهدف إلى الحرص على سلامة المواطن والمقيم في هذا البلد المعطاء، وهو مخالفة الجوال أثناء القيادة.

فأرشدني الله تعالى لكتابة هذه السطور عن (أصوات الجوالات في بيوت الله) حتى تكون تذكرة لي ولغيري من إخواني المصلين راجياً من الله أن تقع في قلوبنا وتعيننا على حسن العبادة وعلى تحرّي الخشوع في صلواتنا حتى تصبح تامة مقبولة بإذن الله تعالى ونجعلها عبادة بحق لا عادة يومية فقط فإن أصبت فمن الله عزَّ وجلَّ وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.

وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بأن لا نرفع أصواتنا حتى بالقرآن أو الذكر عند وجود مصل قريب حتى لا نشوّش على من معنا بالمسجد. بقوله: (ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)، فما بالنا بصوت الموسيقى الغربية منها والشرقية كموسيقى الجاز وموسيقى الراقصات والمغنيات والساقطات، نسأل الله السلامة والعافية.

ولقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها)، فكم لنا من صلاتنا يا ترى؟ وإقامة الصلاة تعني أنه ليس بها اعوجاج من أقام الشيء أي عدله.

ولقد كان الصحابة والسلف الصالح يصلون وكأن ملك الموت قادم والجنة عن اليمين والنار عن الشمال والصراط منصوب وبعد فراغهم لم يدروا أمقبولة أم لا؟ وكان بعضهم يصفرّ لونه فلما يُسأل يقول أتدرون بين يدي من أقف؟ وكان حداداً يرمي مطرقته من خلف ظهره إذا سمع المؤذن والأمثلة على حال السلف والخلف كثيرة.

ومن هنا لا بد لنا من وقفة تأمل وتعجب أيضاً من هذا التصرف السيئ من بعض المصلين - هدانا الله وإياهم - يوجب على الجميع التكاتف والتناصح فيما بيننا والتعاون المكثف للقضاء على هذه الظاهرة التي تصيب الصلاة في خشوعها، فأقول منها بعد الاستعانة بالله وحده:

- استشعار العبد بأنه سيقف بين يدي رب العالمين ويبدأ صلاته بتكبيرة الإحرام الله أكبر أي أكبر من كل شيء.

- تقدير العبد لله حق قدره وأن يعلم أنه في بيت الله سبحانه وتعالى ولو كان في بيت أحد الوجهاء أو المسؤولين يسأل نفسه هل سيضع جهازه بهذه الحالة - فلله المثل الأعلى.

- التوعية عن طريق الإعلام المرئي والمسموع بعظم الذنب والحث بالبعد عن ذلك.

- طباعة المطويات والمعلقات الحائطية والجانبية التي تبيّن أثر هذه الأصوات وخصوصاً الموسيقى منها على خشوع المصلين.

- التناصح فيما بيننا بالرفق والقول الحسن وننوّه بأن هذا لا يجوز ويجب أن يغلق أو يوضع على الصامت قبل الدخول وألا ترفع الأصوات في المساجد لأن المكان لا يليق بذلك.

- تعاون وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد والتي اهتمت مشكورة بخدمة بيوت الله من نظافة وصيانة وغيرها بأن تساهم في وضع حد لهذه الظاهرة حتى لا تستشري أكثر من ذلك ولا يكون من ينصح.

ولا يفوتني قصة ذكرها أحد أئمة المساجد بعد أن ترك أحد المصلين جواله - هداه الله - يرن بموسيقى صاخبة ليحجب المصلين عن الخشوع والتدبر على الرغم من أنه قد نبَّه أكثر من مرة قبل الدخول في الصلاة فقال إن أحد الصالحين رأى في منامه وكان إماماً لأحد المساجد وذلك قبل خمسين عاماً تقريباً، وكان من أهل القصيم حسبما أتذكّر أنه عندما ينظر إلى المصلين خلفه يرى رؤوساً ليست لآدميين فذهب إلى أحد المفسرين للرؤى وكان صالحاً فقال له إن كان كذلك فستدخل المعازف والموسيقى إلى بيوت الله.

ولك عزيزي القارئ أن تتخيّل أن بعض الأماكن أو القاعات أو المنتديات أو أي تجمعات وضعت غرامة مالية (50) ريالاً فقط لكل من يدق جرس جواله، فهل ترى انتشار ظاهرة الرنين بهذه الأماكن؟ الإجابة أغلب الظن (لا)، فإلى الله المشتكى من أجل هذا المبلغ يخشى العبد من الرنين ولا يخشى من الله وهو معه وسامعه ومطلع عليه.

فالحمد لله التقنية التي علمها الله للإنسان كثيرة فقد قال سبحانه: {عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (سورة العلق، آية 5)، وأن هناك بالجهاز أكثر من طريقة لجعله لا ينطق.

فكم من خاشع خرج دون أن يدري صاحب الرنين من خشوعه وتدبره لبعض الآيات وانشغال فكره وقلبه بهذه الموسيقى أو تلك.

فيا أخي المسلم صاحب الجوال قد أنعم الله علينا بهذه النعمة فلا تجعلها نقمة وبادر بالتوبة والاستغفار عما سلف وكان وإن كنت قد تهاونت سابقاً فالله يغفر الذنوب جميعاً، فربما تعرّضت لدعوة من ساجد أخرجته من خشوعه وهو أقرب ما يكون من الله دون أن تشعر.

فالله الله في التعاون على البر والأخذ على أيدي المتهاونين في بيوت الله وخصوصاً الحرمين الشريفين الذي يضاعف فيه الذنب أيضاً كما يضاعف فيه الأجر، نفعنا الله وإياكم.

السؤال الذي يدور في أذهان الكثير ولم نجد له إجابة حتى الآن هو؟ ما فائدة هذا الجوال داخل المساجد؟ هل سنقوم بالاتصال أو استقبال المكالمات أثناء صلاتنا؟ وكيف نقضي على هذه الظاهرة ونسعى دائماً إلى طلب رضوان العزيز الجبار.

هل من رقابة في داخل المساجد؟

هل من رادع للرنانين - للمتهاونين - للمستهترين بالمساجد؟

هل من إدارة للمساجد لمعاقبة المخالفين فيها؟

هل بيوت الله مسرح أو منتزه للمتهاونين؟

متى نخاف الله ونحرص على المصلين في بيوت الله؟

هل من وازع ديني ليصمت هذا الجهاز؟

ألا نخاف الله في الحرص على صلاتنا.

وأسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا أعمالنا وأن يديم علينا الأمن والأمان في بلدنا هذا وأن يوفّق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لما فيه من صلاح هذه البلاد إنه على ذلك قدير.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد