Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/01/2008 G Issue 12904
الأحد 19 محرم 1429   العدد  12904
الفرق بين حماس.. إسرائيل.. مصر
د. وحيد حمزة عبدالله هاشم

ثمة فرق شاسع وكبير بين كل من الأطراف الثلاثة حركة حماس، إسرائيل، ومصر في كل من الفكر السياسي والأهداف السياسية والسلوك السياسي. حركة حماس تفكر على مستواها الذاتي، تخطط وتعمل من أجل مصلحتها ومصالح زعاماتها الخاصة، وتتحرك بمنطق حركة الفعل المسلكية من أجل خدمة مصالحها، وهذا بالتالي ما يتوافق تماما مع المصالح والأهداف الإسرائيلية. إذن فإن حركة حماس مستعدة للتضحية بمعظم الشعب الفلسطيني في سبيل البقاء على كرسي السلطة لقطاع غزة الصغير.

في المقابل إسرائيل تفكر بجميع عقول الشعب الإسرائيلي، تخطط لجميع فئات وقطاعات ومستويات الشعب الإسرائيلي، وتعمل من أجل مصالح إسرائيل والشعب الإسرائيلي، وتتحرك بتفويض ودعم وتأييد من الشعب الإسرائيلي. لهذا فإن إسرائيل مستعدة للتضحية بكل شيء بما في ذلك الشعب الفلسطيني من أجل القضاء على حماس لكونها الجهة التي تمثل خطرا أمنيا على بعض من أرواح الإسرائيليين لثلة محدودة من المستوطنات الإسرائيلية.

وفي اتجاه آخر يكمن الفرق بين مصر وحماس في الفكر والتخطيط والسلوك السياسي لكل منهما أيضا، فمصر تفكر وتخطط وتتحرك من أجل الشعب المصري، لكنها في ذات الوقت حريصة على أمن واستقرار كافة فئات الشعب الفلسطيني بما فيها من فصائل فلسطينية متناحرة على السلطة ومتعارضة مع بعضها البعض. وفيما تعمل حماس على إقفال دروب الوساطة والحلول السلمية، وتسد الطريق أمام كافة الحلول العربية والمصرية تسعى مصر لإيجاد مخارج سياسية للأزمات الفلسطينية على كافة المستويات والأصعدة الذاتية والمحلية والإقليمية والدولية من خلال التركيز على قدراتها ومكانتها لحل مشاكل الشعب الفلسطيني ومشاكل الفصائل الفلسطينية المتناحرة على الكراسي السياسية.

أيضاً يعد الفرق بين مصر وإسرائيل من الفروقات الشاسعة والكبيرة، فمصر تفكر على المستوى المصري والعربي والدولي، وتخطط للحفاظ على الأمن القومي العربي وتعمل وتتحرك إقليمياً ودولياً لحماية الشعب الفلسطيني من سياسات الأمر الواقع الإسرائيلية التي تفرضها عليه، ومن المخاطر والتحديات الإسرائيلية المتواصلة على حقوق الشعب الفلسطيني، كما وتعمل على فك الاختناقات الأمنية والإنسانية التي تفرضها إسرائيل على الشعب الفلسطيني من جهة، بل وتلك التي تقحمه فيها حماس من الجهة الأخرى. فمصر دولة عربية تؤمن بالتزاماتها ومسؤولياتها العربية لكن في ذات الوقت لا يمكن أن تغفل أو تتغاضى عن مسؤولياتها والتزاماتها الإقليمية والدولية. بالمقارنة فإن إسرائيل دولة عبرية غير عربية لا تؤمن بالقضايا والحقوق العربية ودائما ما تتغاضى وتغفل بل وتضرب عرض الحائط بمعظم التزاماتها ومسؤولياتها الإقليمية والدولية.

عطفا على ما سبق يمكن القول هنا: إن دور حماس في القضية الفلسطينية عامة وخاصة تجاه الشعب الفلسطيني الذي تحكمه في غزة، دور غامض مبهم لا يعكس الدور المفترض أن تلعبه السلطة السياسية الحاكمة تجاه مواطنيها بل ولا يبشر باحتمالات الممكن لفك الحصار المضروب على أعناق الشعب الفلسطيني، فحماس تدرك تماما عقم صواريخ القسام التي تطلقها عشوائيا على المستوطنات الفلسطينية، وهي على يقين تام من أن خيار المقاومة الذي تتشدق به كمبرر لتشددها السياسي لم يعد خيارا ممكنا ولا متاحا في عصر المأسسة الدولية الأمنية والسياسية ناهيك عن الاقتصادية.

هل يعني الواقع المفروض هذا على الشعب الفلسطيني بل وعلى ماضي وحاضر ومستقبل الأمة العربية برمتها أن دور حماس في المعضلة الفلسطينية بل وحتى في واقع التخبط العربي التنموي والاقتصادي ناهيكم عن السياسي ما هو إلا دور مواصل ومساند وداعم لسياسات التشدد العربية الماضية التي ساهمت في تفعيل وتنمية قوة إسرائيل وساعدت على فرض أمر واقع مرير على العالم العربي؟

سؤال يفكر فيه الجميع، ويخطر على بال الجميع، لكن لا يجرؤ أي من الجميع التلميح عنه دعكم من التصريح به أو الإعلان عنه علانية خوفا من قنابل التهم بالعمالة، وتهيبا من مدافع القذف بالخيانة وتحسبا للتصنيفات التي تبطش بكل من يحاول قول الحقيقة. مع هذه المخاوف ورغما عنها لا نملك إلا وأن نقول: إن حركة حماس قدمت وما زالت تقدم لإسرائيل على طبق من ذهب كافة الحجج والمبررات تلو الحجج والمبررات المطلوبة كي تمعن في انتهاك الحقوق الفلسطينية المشروعة ولتواصل تغاضيها عن التزاماتها الإقليمية والدولية، بل ولتكسب المزيد المزيد من روافد ودعائم التعاطف الدولي السياسي والإعلامي.



drwahid@com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد