Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/01/2008 G Issue 12904
الأحد 19 محرم 1429   العدد  12904
حمد القاضي: هل يتقاعد الأدباء؟!
د. محمد عبده يماني

ليت شعري.. وهل يتقاعد الأدباء.. قلت هذه العبارة وأنا أتابع ما تنشره الصحف من قرار ترك أخي الأستاذ حمد القاضي للمجلة العربية وهجر الأدب، وتساءلت هل يملك الأدباء نواصي أقلامهم التي تصبح ملكاً للقراء وللناس!! وهل الأديب والمفكر والشاعر يتقاعد ويتوقف باختياره بعد أن أصبح ملكاً لقرائه وللناس من حوله!! وكرهت هذا القرار وقلت في نفسي لا.. لا يتقاعد الأدباء ولا أهل الفكر، فالأدب والعطاء دائماً في حاجة لهؤلاء الأدباء وهم يتكئون على أقلامهم، وأعطني مثالاً واحداً لأديب في الشرق أو في الغرب أو حتى في عالمنا المعاصر أحال نفسه إلى التقاعد وقبل منه الناس، لقد مات طه حسين وهو ممسك بقلمه، وسقطت قبعة العقاد وعمامة المنفلوطي ولم يسقط القلم من أيديهما، وهذا أستاذك وأستاذنا الشيخ حمد الجاسر ظل صامداً حتى اللحظات التي نفث فيها أنفاسه الأخيرة، ورحل إلى جوار ربه، ورأينا أنا وأنت وريقات يكتبها وكان يتطلع إلى مزيد من العطاء، ورحم الله أستاذنا أحمد السباعي يوم نزع القلم من يده وصعد على مسرح يعبر فيه عن ذاته وعن فكره وأدبه، وحتى عندما أتعبه الزمن عاد وامتطى القلم من جديد.

أقول لك يا صاحبي وصديقي الأستاذ حمد القاضي: الأدباء لا يتقاعدون، فقد جلست إلى كبار شعرائنا وآخرهم محمد حسن فقي وقد طاف المائة عام، وحسين عرب، وأحمد إبراهيم غزاوي، ومحمد سعيد عبدالمقصود خوجة، وعبدالوهاب آشي ورأيتهم يكتبون ويسمعوننا بدائع شعرهم حتى اللحظات الأخيرة، وجلسنا إلى أستاذنا الشيخ عبدالله بن خميس بحضور الأستاذ عبدالرحمن الراشد وهو يواصل العطاء وإن قل ولكنه يكره التوقف، ولا يقبل التقاعد لأن هذا العمل ليس كأي عمل آخر، وهو ملك مشاع لكل لقارئ وقارئة ولكل معجب ومعجبة، وهو في النهاية ملك البلاد وللأمة، وهو ثروة وطنية لا تملك حجبها ومنعها، وهو ينبوع يتدفق ولا يجف، وحتى إذا قسى عليه الزمن يهدأ من الهدير ولكن ما إن تهطل الأمطار حتى يتجدد العطاء من جديد، فهو يهدأ ولكن لا يتقاعد ولا يتوقف، ومداد الأديب ترياق لأحزان الوطن، ورحيق يغذي آماله ويحمي حرماته ويدافع عن قداساته، ويروي تطلعاته، وهو كالبركان يهدأ ولكن لا يموت، وإنما يتفجر من جديد، واسألني يا صاحبي عن صخور رأيتها وبراكين وقفت عندها هدأت ثم تفجرت من جديد ذلك هو الأديب دائم العطاء، بلا تقاعد ولا استرخاء.

فاسمع من أخيك كلمة مخلصة وكما نقول في مكة (ربك وصاحبك لا تكذب عليه) فأنا أصدقك لا أكذبك، لأنك لن تستطيع التقاعد، وإن أصررت فمن فضل الله أن البلاد فيها حكومة، وقد أنشأت هيئة لحقوق الإنسان، وسيشكوك قراؤك من الناس لأن العطاء من حقهم، ولا أخفيك أني سأكون أول من يحمل هذا اللواء فأنا من قرائك، وسوف يعينني أستاذك الشيخ الدكتور عبدالعزيز الخويطر الذي حاول أن يتقاعد أو يتوقف ولكن كان كل من حوله يصرون على استمراره والبقاء والعطاء.

وفي الختام لك عاطر التحية والتقدير.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد