Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/01/2008 G Issue 12904
الأحد 19 محرم 1429   العدد  12904
الموت والجوع والظلام في غزة!
د. محمد بن علي آل خريف

لقد أفرزت هذه الشدائد والنكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني ولايزال أجيالاً رضعت وتغذت على الصبر والمراغمة بشكل لا مثيل له حتى أضحت تستهين بما تلقاه من محن وخطوب. إنه شعب تربى على المقاومة وتحدي الفناء، شعب اصطفاه الله ليكون رأس حربة في مواجهة أخس فئة بشرية على وجه الأرض هؤلاء اليهود الحاقدون قتلة الأنبياء سفاكو الدماء ومثيرو الفتن والحروب، أليس الله قد قال فيهم {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، لقد حاولت جاهدا أن أبتعد عن أخبارهم المأساوية وأشيح بصري عن مشاهد البؤس والقتل وشتى أصناف العذاب التي يتعرضون لها صباح مساء ولكن حجم المأساة يأبى عن التواري.

إن للصبر حدودا ولطاقة الإنسان مهما كانت قوية مدى خاصة إذا تفرد به عدو متوحش يلقى المدد من الشرق والغرب، ليس لي حاجة في وصف معاناة أهلنا في غزة خاصة وفلسطين عامة فقد سمع بها من به صمم لكن هيهات، ويح من يلومهم في هذا الوقت العصيب بأنهم يطلقون الصواريخ على يهود، وهل كف عن قتلهم اليهود طيلة السنوات الماضية مهما أبدوا من هدنة واستسلام؟! لكم الله يا أهل غزة فقد اجتمعت عليكم صنوف البلاء ورجاؤنا في رحمة الله أن يلطف بكم بعدما تخلى عنكم أهل الأرض، فعضوا على الصبر بالنواجذ ووحدوا الصف وحققوا معاني التكافل والأخوة. فأنتم تواجهون عدواً مهما أبدى من قوة فهو ضعيف في ذاته وبنيانه أليس الله بأعلم بهم حينما شخص حالهم بقوله: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}, والواقع يصدق ذلك ويؤكده. إنه لمن العجب أن يتشدق الغرب المادي بحقوق الإنسان ويرفع عقيرته كلما مات قرد أو خنزير ثم يبارك هذه المجازر التي لا يقرها دين ولا نظام بل يجعلها دفاعا عن النفس هكذا وبكل استهتار ودونما حياء. لكن لِمَ العجب وهي شريعة الغاب التي تسود العالم اليوم بعدما تحكم فيه نظام الظلم والطغيان على حساب نظام العدل والإيمان، هي إذن معادلة كونية لا محيد عنها. لكن أيكفي أن نرفع الصوت عاليا بالشجب والاستنكار ثم نلوي على ضعفنا وسلبيتنا المميتة والعدو من حولنا يتكاتف وينصر بعضه؟ هل نستحي من نصرة إخواننا ولو بشق تمرة ولو بدعاء صادق ومؤازرة معنوية بعدما عز المدد المادي؟ لا خير فينا إن لم نفعل أدنى النصرة. الأيام دول.. والله الموفق.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد