Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/01/2008 G Issue 12906
الثلاثاء 21 محرم 1429   العدد  12906
نزيف الحوادث: دماء ودموع!
د. فهد بن علي العليان

لست الأول ولن أكون الأخير ممن يكتبون عن الحوادث المرورية التي تشهدها مدن وقرى المملكة على الطرق السريعة والداخلية حتى أصبح سماع أخبار هذه الحوادث ومتابعتها في الصحف المحلية أمراً مألوفاً وعادياً، رغم إنها تفتك بحياة الناس وتتسبب في عجز وإصابة الآلاف منهم وتؤدي إلى إهدار اقتصادي كبير في الأموال والأنفس والممتلكات، إننا حقاً أمام أرقام ومعدلات وإحصاءات خطيرة وحوادث مروعة وإصابات محزنة قطعت على بعض الناس فرحة عيد أو زواج أو غيره، مما يجعلنا نتساءل بحرقة وألم: لماذا يحدث هذا؟ وهل سلم قريب أو صديق من التعرض لهذه الحوادث بمفرده أو مع أسرته؟ وهل الخلل في قلة وعي الناس، أم أن الأنظمة المرورية عاجزة عن وضع إجراءات عملية للحد من وقوع هذه الحوادث؟ أسئلة كثيرة، وفي الوقت نفسه محيرة!.

إن قيادة السيارة تدل بشكل مباشر على مدى تحضر هذا الشعب أو ذاك، حيث أصبحت جزءاً من شخصية المجتمعات المختلفة، ففي أمريكا - على سبيل المثال - يقطع المسافر آلاف الأميال دون أن يرى حادثاً واحداً، ويتردد الناس بآلاف السيارات على واشنطن العاصمة بشكل يومي بطريق مزدحم، ومع ذلك لا ترى حادثاً أو تتوقف عند زحمة!.

أما هنا فلا أذكر إلا نادراً أثناء ذهابي إلى الجامعة مع الطريق الدائري بخلوه من التوقفات الطويلة نتيجة الحوادث.

لقد أصبحت أخطاء السائقين أثناء القيادة جزءاً من السلوك الفردي ومألوفة لدى الناس، بل ضمن العادات الاجتماعية التي يتعلمها الأفراد ويقلدون بعضهم البعض، أعتقد جازماً بأن ازدياد أعداد ضحايا حوادث الطرق يعود في جوهرة إلى غياب الوعي المروري لدى السائقين، ومن هنا فإن هذه الأرقام المخيفة تستدعي العمل على بث الوعي بهذه المشكلة وإيجاد ثقافة مرورية يشارك في صياغتها الجهات الحكومية ذات العلاقة لإيقاف نزيف هذه الحوادث.

ويعتقد كثير من الناس بأن السبب الرئيس في وقوع الحوادث المرورية هو السرعة، وهو بلا شك سبب مهم، لكن السبب الرئيس - في ظني - هو عدم الالتزام بأنظمة المرور، حيث إن كثيراً من الحوادث المرورية يحدث بسبب عدم الانضباط واتباع الإرشادات المرورية، إننا بحاجة إلى تنبيه الآباء ليراقبوا أبناءهم في قيادة السيارات ويعلموهم أسس القيادة السليمة، وبحاجة كذلك إلى تنبيه السائقين بعدم الانشغال أثناء قيادة المركبة بجهاز الراديو أو التحدث مع أفراد العائلة أو استخدام الهاتف النقال، وبحاجة إلى تنبيه السائقين بضرورة قيادة السيارات بهدوء بعيداً عن الرعونة والطيش.

إن هناك خطأً فادحاً يفعله بعض السائقين وهو تغيير المسار دون إنذار من الأيسر إلى الأوسط فالأيمن ثم الرجوع إلى الأوسط ثم الأيسر، والمؤلم حقاً أن (بعض) رجال المرور - للأسف - لا يلتزمون بتطبيق الأنظمة المرورية مثل عملية الوقوف الخاطئ وتغيير المسار وغيرها.

وأقترح في سبيل إيجاد ثقافة مروية لدى أفراد المجتمع وخاصة الشباب، أن يتم اختيار عدد من الشباب المثقف من خريجي الجامعات وابتعاثهم إلى المعاهد والكليات المتقدمة في مجال أنظمة المرور، ليعودوا للمساهمة في التخفيف من مشكلات المرور.

كما أنه لا بد من وضع نظام مروري حازم وقوي يشترك في وضعه المتخصصون والخبراء، بالإضافة إلى إعداد كتيبات إرشادية عن قواعد المرور وأنظمتها توزع في المدارس والجامعات والأماكن العامة.

وأخيراً، فإني آمل أن يتعاون الجميع بتطبيق الأنظمة أثناء قيادة السيارات، لينخفض معدل هذه الحوادث التي أدت إلى كثير من الأضرار والمآسي، حتى يخف بكاء الأمهات والآباء الذين يتجرعون غصص الفجيعة.

فاصلة:

حمداً لله على سلامة المربي الفاضل الأستاذ - ماجد بن ناصر البنيان وأسرته، ورحم الله الأموات..



alelayan@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد