Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/01/2008 G Issue 12906
الثلاثاء 21 محرم 1429   العدد  12906
الثلاثاء الأسود ( -999 )
فضل بن سعد البوعينين

هل هناك وجه شبه بين كوارث سوق الأسهم، وكوارث الطائرات؟ نعم فنتائجهما مدمرة، وقاتلة في أغلب الأحيان.. ماذا بعد؟.. كوارث الطائرات تؤدي إلى نزع ثقة المسافرين بالنقل الجوي، وكوارث سوق الأسهم تنزع ثقة المستثمرين من السوق والاقتصاد.. كوارث الطائرات تبدأ بُعيد الإقلاع الحاد و(تعليق) المسافرين بين السماء والأرض، وكوارث سوق الأسهم تبدأ بعد إقلاع الأسعار و(تعليق) كبار المضاربين.....

..... وصغارهم بمشانق الأسعار المتضخمة.. كوارث الطائرات عادة ما تكون فُجائية، ولا يتوقع حدوثها أقرب المتابعين لشاشات الرادار، ولوحات أجهزة القيادة الإلكترونية، وكذلك الحال بالنسبة لسوق الأسهم التي أصبحت تنفجر إلى الأعلى، والأسفل دون سابق إنذار.. هناك أيضاً علاقة مشؤومة متعلقة بالسواد.. ففي كوارث الطائرات يبحث المحققون عن الصندوق الأسود الذي يحتوي معلومات الرحلة واتصالات الطيارين، وفي أسواق المال يدقق المراقبون في مؤشر التداول الأحمر وصفقات السوق الدامية بحثاً عن الحقائق، ثم يُلصق الإعلاميون صفة السواد بيوم التداول الدامي فيتحول اسمه إلى (الثلاثاء الأسود) على سبيل المثال.. في الحقيقة، ثلاثاء التداول كان أحمر دامياً، كما أن الصندوق الأسود أحمر أيضاً.

حسناً، وماذا عن نقاط الاختلاف؟.. أعتقد أن من أبرز نقاط اختلاف كوارث الطائرات عن كوارث سوق الأسهم أن طاقم قيادة الطائرات المنكوبة عادة ما يكونون آخر الباحثين عن النجاة على أساس أنهم يقدمون سلامة الركاب على أنفسهم، أما في سوق الأسهم فطاقم القيادة عادة ما يكون أول القافزين من سفينة السوق المحترقة!.

يتعامل المحققون مع صندوق الطائرة المنكوبة (الأسود) بكل دقة وشفافية، في الأمور غير الاستخبارية على أقل تقدير، ويتم الكشف عن أسباب الكارثة منعاً من تكرارها.. أما صندوق معلومات سوق الأسهم (الأسود) فهو غير قابل للفتح، أو المراجعة وهو سبب من أسباب تكرار كوارث السوق وخسارة المتداولين.

****

المؤشر بين (وداعية سامي الجابر)، و(قوات الطوارئ)

من أفضل ما قرأت عن الثلاثاء الأسود ما كتبته الجزيرة في عدد الأربعاء الماضي، وجاء فيه: (مؤشر سوق الأسهم يستنجد بـ(999) بعد انخفاضات بالنسب القصوى)... بدأ مؤشر الأسهم السعودية وكأنه يستنجد برقم الطوارئ حين أقفل منخفضاً بـ(999.55) نقطة.. أعتقد أن الأمر لا يخلو من الصحة على أساس أن ما حدث في سوق الأسهم يومي الثلاثاء والأربعاء، هو نوع من أنواع (الإرهاب المالي) الذي يفترض أن تتعامل معه قوات الطوارئ لا الهيئات الرقابية!!!!!!. إضافة إلى ذلك فالثلاثاء الأسود أدى إلى إصابة الكثير من المتداولين بأزمات حادة نتيجة تقلبات السوق الفجائية، وقادت البعض منهم إلى المصحات النفسية المزدهرة بمرضى متداولي الأسهم، كما أشار تقرير لـ(العربية نت).

أيضاً الزميل بتال القوس ومن خلال برنامج (في المرمى) الذي تبثه قناة (العربية) مازح كابتن المنتخب المعتزل سامي الجابر بقوله إن السوق يودع سامي بـ(999) إشارة إلى الرقم (9) الذي يحمله اللاعب.. وهو أيضاً وصف يمكن أن يكون دقيقاً على أساس أن بعض كبار مضاربي السوق السعودية هم من الفاعلين في قطاع الرياضة، ولا نعلم إن كان الرقم (999) يعبر عن الحزن على فراق الجابر، أم نكاية به على أساس أنه أحد مستثمري السوق السعودية؟.

*****

من يطمئن السوق والمتداولين؟

خسرت السوق السعودية في يومي تداول أكثر من 300 مليار ريال سعودي، ذهبت أدراج الرياح وسط صمت رهيب من الجهات ذات العلاقة بسوق المال، والاقتصاد الوطني.. ترى ألا تستحق السوق السعودية تصريحاً يحفظ لها هيبتها ويحميها من ضغوط الحرب النفسية التي أدارها صنّاع السوق، وبعض وسائل الإعلام الموجهة بكل دقة واحترافية!!؟.

خسارة مؤشر الأسعار في الدقائق الأخيرة من تداول يوم الأربعاء أكثر من 900 نقطة (بين أعلى قمة وأدناها) تسببت في تبخر 188 مليار ريال من رأس مال السوق.. هذه الخسائر الفادحة تستدعي تدخل الجهات الرقابية من أجل معرفة أسباب الانهيار المفاجئ، وقبل ذلك، مسببات الارتفاع الحاد الذي تزامن مع دقائق الافتتاح الأولى!!.

حركات المؤشر الحادة باتت تسيطر على نفسيات المتداولين وتدفعهم نحو اتخاذ قرارات استثمارية خاطئة يتكبدون بسببها خسائر فادحة لا يمكن تعويضها.. هؤلاء المتداولون باتوا أكثر حاجة إلى شفافية التداول، عدالة القرار، وعمق الرقابة التي يمكن من خلالها ضبط حركة السوق بعيداً عن انحرافات المؤشر، وسيطرة الصنَّاع.



f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد