حدثت هذه القصة في فرنسا قبل ثلاثة عشر عاما: كان (جون دومينيك) يعيش مع زوجته وابنه وابنته وهو يعمل رئيساً لتحرير مجلة (إيل) وكانت حياته مكبلة بالمطالب والأعباء، ووقته موزع بين الأسرة وأعباء الوظيفة والأسفار والهوايات والرياضات، لذا لم يكن يجد بالكاد وقتا ليلبي كل هذه الاحتياجات.
وفي أحد أيام شهر ديسمبر القاتمة من عام 1995م كان جون دومينيه يقود سيارته فوق الطريق السريع المغطى بالثلوج عندما داهمته سكتة دماغية حادة بدون أي مقدمات غير أنه نجح في إيقاف السيارة وأرسل ابنه لطلب المساعدة ثم سقط بعدها في المقعد الخلفي.
لم يفق من غيبوبته إلا بعد مرور ثلاثة أسابيع وعندما أفاق وجد نفسه كائنا مختلفاً تماماً عما كان عليه فقد أصابته السكتة بأضرار وخيمة فقد أصبح عاجزا عن الكلام والحركة وشل جسده كاملاً ثم لاحظ أنه لم يكن قادرا إلا على تحريك جفن عينه الأيسر لكن لحسن الحظ بقى عقله سليما وذاكرته صحيحة وكانا قادرين على العمل بمنتهى الكفاءة.
صمم جون على العثور على طريقة للتواصل وأمام هذا التصميم قرر تأليف كتاب كامل معتمداً على الإملاء بجفن عينه الأيسر. كان عنوان الكتاب يشير أنه عبارة عن رحلة شعرية خيالية داخل عقل رجل حبست أفكاره داخل جسده المشلول وكتب (كلود منديبل) ما أملاه عليه جون عن طريق تحريك الجفن بواسطة أبجدية خاصة صممت لهذا الغرض.. وجاء الكتاب المؤلف من 137 صفحة نتاج 200.000 إغماضة للعين. لقد حوله عقله المثقف الدؤوب إلى مسافر يطوف الكون ويجوب أنحاء الزمان والمكان، وبينما كان المختصون يدربون أطرافه الهامدة كان يغوص في ذكريات الطفولة وعالم الخيال والأحلام التي كانت تتراقص جميعها في رأسه.. ليس هناك مستحيل.. هذا ما أشار إليه جون في كتابه.