دبي - أحمد يوسف
في منطقة اللبسة بدولة الإمارات العربية الشقيقة حيث تضيء الشمس على إحدى التلال الصحراوية في منتصف المسافة بين أم القوين وفلج المعلا يقع معقر للجمال يدعى (معقر الجمال باللبسة) والذي أقيم في العام 1999م، في تلك السنة مر موكب سمو الشيخ زايد - طيب الله ثراه - من هناك، حيث شاهد النوق المنتشرة فوق رمال الصحراء البكر فأمر بإقامة المعقر (المذبح) حيث يتم استلام الجمال من المواطنين، وبعد عقرها (ذبحها) يأتي المشترون من كافة الإمارات الشمالية للتزود بما يرغبون شراءه من لحم الجمال التي يقول عنها خلفان بن سالم الشاوي مدير المعقر: إنها أطيب أنواع اللحوم، لأن النفس تبقى مفتوحة على الأكل عكس اللحوم الأخرى.
وعن عملية طبخ لحوم الجمال قال: (يجب تمليح اللحم بعد التنظيف وقبل وضعه على النار، وبعد القشط توضع بهارات خفيفة، ويبقى الوعاء مغطى، وهو ما يسهل عملية نضج اللحم).
وهذا البدوي القابع في الصحراء أخبرنا: (إن تعلقنا بالجمل عادة توارثناها عن أهلنا، حيث كنا نسافر عليه، ونركبه، وننقل عليه بضائعنا، فهو سفينة الصحراء، أما الناقة فنحلبها ونتغذى من لبنها).
وبسؤاله عن قيمة حليب النوق قال: إنه خال من الدهون، وفيه تغذية كاملة، ومن يسير في الصحراء يلزمه هذا الحليب. وذكر أن بول الهجن يستخدم في علاج بعض الأمراض، وكذلك شحم السنام.
مذبح الجمال
وفي (معقر الجمال باللبسة) طبيبان بيطريان والعديد من الجزارين والموظفين الذين يسهرون على إنجاح هذا المشروع الحيوي المهم.
يقول الدكتور محمد عثمان البشير الطبيب بالمعقر: نقوم باستلام الجمال الحية وفحصها بيطرياً بمساعدة لجنة تتكون من ستة أعضاء، حيث تتمثل الإمارات الشمالية بعضو لكل منها، وحين تثمن الجمال، ويتم تحديد سنها وسعرها تصبح ملكاً للمعقر.
شراء الجمال وبيعها
وعن كيفية شراء الجمال من المواطنين قال: هناك معقران على مستوى الدولة أحدهما في منطقة الخزنة، ويختص بالجمال الموجودة في إمارة أبوظبي، ومعقر اللبسة الذي يتعامل مع الإمارات الشمالية الست، وكل مواطن مسجل اسمه في الكمبيوتر، وعدد الجمال التي يملكها، ويتم استلام الجمال منه بناء على هذه البطاقة.
حين تبكي الناقة
وعن طريقة ذبح الجمل - التي شاهدناها على الواقع - قال: إن الجمل هو الحيوان الوحيد الذي يعقر (فكذبوه فعقروها)، والعقر عبارة عن ضربة واحدة في البلعوم والقصبة الهوائية، ثم يتم الضرب يميناً ويساراً، وهذا ما تم فعلاً، حيث تم توثيق الناقة برجليها وقدميها وطرحها أرضاً، وبدأت تطلق رغاءها، وحين سألنا الطبيب البيطري عن السبب قال: إنها تحس بأنها سوف تعقر، وذكر أن بعض الجمال تبكي، وما هي إلا لحظات حتى ينتهي كل شيء.
وأوضح أن أغلب المشترين الذين يرتادون المقصب هم الصوماليون واليمنيون والموريتانيون ثم السودانيون والمصريون وبعض الشوام، أما المواطنون فإنهم يشترون اللحوم الصغيرة (الفطيم أو المفرود).
الغذاء الصحي
وبسؤاله عن القيمة الغذائية للحم الجمل قال: إنها خالية من الكولسترول، وغنية بالفيتامينات والأملاح، وسهلة الهضم، ومستساغة، ورائحتها طيبة.
وبخصوص وزن الجمل ذكر الدكتور البشير: إن بعض الجمال يصل وزنه في المعدل إلى 200 كغم لحماً، ويباع الكيلو بـ10 دراهم، كما أن الجمال كلها محلية وذات سنام واحد.
حليب البوش
وذكر الطبيب السوداني أحمد إبراهيم أن كبدة الجمل يحبها السودانيون الذين يأكلونها نيئة، وكذلك الصوماليون الذين يطبخونها على نار هادئة خوفاً من تحجرها لاحتوائها على كمية كبيرة من الألياف، أما اللحوم فإنها تحتوي على كمية مياه كثيرة، ولا تحتاج إلى إضافة مياه جديدة عند الطبخ.
وبخصوص حليب النوق قال د. إبراهيم: إن حليب (البوش) صيدلية كاملة، يستعمله البدو في علاج العديد من الأمراض، ومن ميزاته أنه يحتوي على فيتامين c بكميات كبيرة، وهو يساعد على تقوية أربطة الجسم، وأشار إلى أن الجمال التي ترعى في الصحراء تعتمد في غذائها على الأعشاب المفيدة طبياً، ويتناولها الإنسان عن طريق حليب البوش، وبعض هذه الأعشاب مفيدة لأمراض البطن والسكري والمفاصل.
وذكر د. أحمد إبراهيم أن البدو يشربون حليب البوش عند الصباح، لذلك فإن أجسامهم قوية.