Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/02/2008 G Issue 12911
الأحد 26 محرم 1429   العدد  12911
الوثائق تعيد اكتشاف تاريخنا المحلي .. الغاط أنموذجاً
المرأة كانت تمارس الشهادة والوصايا ونظارة الأوقاف

ذكرت في بحث سابق نُشِرَ في هذه الصفحة أهمية الوثائق المحلية في إعادة اكتشاف جوانب مهمة من تاريخنا المحلي بعيداً عن التاريخ السياسي الذي كان هو مدار المؤلفات التاريخية النجدية التي تركها لنا مجموعة من المؤرخين النجديين، فغاب بذلك جزء مهم من الأحوال المدنية والاجتماعية..

ومن خلال دراستي لنماذج من الوثائق المحلية لمحافظة الغاط فقد اتضح لي أمور كثيرة كانت في طي الجهل والتغييب لدى أبناء الجيل الحاضر.. ومن تلك الجوانب التي تلفت الانتباه التدين الصادق مع بساطة ووسطية ظاهرة خالية من التشدد والتعقيد والحساسيات المفرطة التي قد صبغت حياتنا في العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة..

لقد كانت المرأة في ذلك المجتمع المحافظ والمتدين أكثر عفةً وحشمةً واحتراماً، لكنها كانت أقل قيوداً وأكثر مشاركةً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.. يتضح ذلك من خلال ممارسة المرأة لأعمال البيع والشراء والعطاء والهبات الشرعية وبشكل اعتيادي.. وقد يقول قائل إن هذا شيء اعتيادي وهو موجود في مجتمعنا الآن، فأقول إن الفرق واضح من خلال الوثائق بأن المرأة كانت تقوم بدور أكبر وأكثر مما تقوم به الآن.. بل إنها كانت تمارس الشهادة الشرعية لدى القضاة، وتمارس نظارة الأوقاف والوصايا الأسرية حتى مع وجود الأقارب الرجال.. وإليكم نماذج من ذلك:

1- جاء في وثيقة وصية مؤرخة في (30 -8 -1241هـ) ما نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما أوصى به عبدالجبار بن ناصر بن خرَيِّف في صحة من عقله وبدنه، أوصى في ثلث ما وراه (وراءه) بثلاث حجج... وأربع أضاحي... إلى أن يقول: والولي عليهن أخته سارة، وهي ولية عياله - إلى قوله أيضاً: وأوصى بثلاثين وزنة تمر على صوام رمضان، فإن احتاج من قرباه (أقربائه) أحد فيخرج عليهم، وإن اغتنوا فهو في مسجد خلف، والولي على ذلك أخته، وباقي الثلث له في أعمال بر، على نظر أخته ....إلخ).

2- جاء في وثيقة مؤرخة في شهر رجب سنة 1250هـ ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما أوصت به الحرة المكلفة الرشيدة فاطمة بنت إبراهيم بن سليمان ابن فداغ .... أوصت بثلث ما وراها قادماً في ذلك حجة فرضها اثني عشر ريالاً وأضحية .. وما فضل من الثلث يحج به لوالديها، وإن فضل شيء فيعمر به قدر جدتها السبل، وجعلت الولي على ذلك أختها رقية إلى أن يرشد عبدالله بن حسين ....إلخ).

3- جاء في وثيقة مؤرخة في شعبان 1252هـ ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أوصى به الحر المكلف عبدالله بن عدوان ..... إلى قوله: والوكيل على ذلك المصلح من أولاده الذكر أو الأنثى ...إلخ).

4- جاء في وثيقة مؤرخة في رمضان 1263هـ ما نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أوصى به الحر المكلف محمد بن سليمان بن منيع ..... أوصى بثلث ما وراه يحصر في الدار، وهي داره التي عمر في الغاط في محلة العوشزة .... وجعل الولي على وصيته وعلى ابنه سليمان وأخيه أمه هَيَا، ومن بعدها المصلح من ذريته ....إلخ).

5- جاء في وثيقة تعود لسنة 1260هـ تقريباً ما نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما أوصى به عبدالله بن عيسى بن حمد... إلى أن يقول مع وصية طويلة: وجعل الوكيل على وصيته ابنته سبيكة ...إلخ).

6- جاء في وثيقة تعود لسنة 1265هـ تقريباً ما نصه:

(هذا ما أوصت به المكلفة الرشيدة سارة بنت عبدالله بن خريف أوصت بثلث ما وراها... إلى قولها: وجعلت الولي على جميع ذلك نصرة بنت أخيها عبدالجبار، ومن بعدها توكل هي على نظرها من رأت فيه إصلاح ....إلخ).

7- جاء في وثيقة مؤرخة في 28 -11 -1280هـ ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما أوصت الحرة المكلفة لطيفة بنت عبدالوهاب بن راجح... إلى قولها: وجعلت الولي على ذلك أمها سارة، ومن بعدها زوجها أحمد بن محمد أبا نمي، ومن بعده عيالها.. شهد على ذلك أمها سارة وزوجها أحمد ....إلخ).

8- جاء في وثيقة مؤرخة في 5 -5 -1336هـ ما نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم؛ موجب ذلك أنه حضر عندي أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدان في حال كمال عقله ووفور ذهنه، وأقر بأنه ..... إلى قوله بعد وصية طويلة: والوكيل على ذلك والدته رقية بنت عبدالله الحصين، ومن بعدها أخيه سليمان ....إلخ).

أقول: ونكتفي بهذه النماذج التي اخترناها على عجل لتصور لنا بوضوح هذا الدور الاجتماعي الذي كانت تقوم به المرأة في المجتمع النجدي المسلم.. آملين أن نجد الوقت لمواصلة الحديث عن جوانب تاريخية أخرى من تاريخ أجدادنا..




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد