Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/02/2008 G Issue 12911
الأحد 26 محرم 1429   العدد  12911
أرض القرين بين الشيخ ابن بليهد وابن ناقي

كتبت في مقال سابق في وثيقة من وثائق الرس عن إمضاء الإمام الملك عبدالعزيز للشيخ عبدالله بن سليمان بن بليهد رحمهما الله الأرض المسماة أرض القرين في القصيم التي تقع بين رياض الخبراء والدليمية، والتي تم تحديدها تحديداً ينفي الجهالة، وليس لأحد فيها معارضة. وأود إكمال ذلك بالحديث عن وثيقة شراء عبدالمنعم بن ناقي لتلك الأرض وما حولها من الشيخ عبدالله بن بليهد وكل ما تبع ذلك من إثبات لهذا الملك وتصديق الإمام عبدالعزيز طيّب الله ثراه..

فأقول:

أما القُرَيْن كما يروي العبودي في (بلاد القصيم) بضم القاف وفتح الراء وإسكان الياء، فكان أصله أكمه صغيرة غير مرتفعة تقع في الجهة الشمالية الغربية من الرس تسمى (القرين) وحوله مورد ماء صغير للبادية، وهي اليوم قرية صغيرة تقع إلى الغرب من الرس بينهما (15 كيلا)، وبين القرين وبريدة (85 كيلا) وتقع على الخط المسفلت الذي يتجه من القصيم إلى المدينة المنورة.

وقد ذُكرت القرين ضمن الهجر التي جعلها الإمام مقراً لتوطين البادية، وفيها كل مقومات المعيشة.

وأرض القرين التي تجاور الأكمة المذكورة والتي تسمى (القرين) أقطعها الملك عبدالعزيز للشيخ عبدالله بن بليهد عندما كان قاضياً في القصيم عام 1339هـ بموجب وثيقة كُتبت لذلك، وأورد نص الوثيقة التي أملاها الإمام وأفاد فيها بأنه أقطع الشيخ ابن بليهد الأرض المذكورة وتصديق الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، وقد ورد في نص الوثيقة الأصلية التي يوجد أصلها حالياً لدى الشيخ موسى بن عبدالمنعم بن ناقي رئيس مركز القرين سابقا ما يلي:

(بسم الله الرحمن الرحيم. من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى من يراه، السلام، وبعد ذلك: أمضينا للشيخ عبدالله بن سليمان البليهد الأرض المسماة أرض القرين بين رياض الخبرا وبين الدليمية شمالي وادي الرمة من حد فوق قصور الجنبه من القرين إلى العقلة شمالاً ومن العبيل شرقاً إلى شفا الدليمية أقطعناها إياه إقطاع تمليك ولا أحد من أهل البلدان عليها تعلق شيء من الأمور فأمرها منا إليه يكون معلوما. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. حرر ذلك 1.24 سنة 1339).

ثم ذُيّلت الوثيقة بتصديق فضيلة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، وهذا نصه:

(بسم الله الرحمن الرحيم. إقطاع الإمام المذكور صحيح ثابت به الملك وعمارته وإحياؤه تقرر ذلك في الحكم الشرعي. قاله وأملاه عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن وكتبه عن أمره صالح بن سليمان بن سحمان. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 1.25 1339).

وقد حصلت على معلومات موثّقة من الشيخ موسى بن عبدالمنعم الناقي أمير ثم رئيس مركز القرين سابقاً عن أسرة الناقي وشراء القرين: أما أسرة الناقي من سليم من حرب وأفرادها فهم أسرة كبيرة من شيوخ حرب ورؤسائها، ومنهم الشيح عبدالمنعم بن ناقي شيخ شمل ولد سليم من حرب ويزيد عدد أفرادها حاليا على (400) فرد.

وأما قصة شراء عبدالمنعم بن ناقي لأرض القرين وعمارته لها فهي كما يلي: فقد ولد عبدالمنعم قرب المدينة المنورة في حدود عام 1269هـ، وكان يسكن بلدة دخنة الواقعة جنوب الرس، وكان يبحث عن مكان يستقر فيه مع أبنائه وجماعته، فوقع اختياره على أرض القرين، وكان يملكها الشيخ عبدالله بن بليهد هبة من الملك عبدالعزيز، ثم اشتراها عبدالمنعم بن ناقي من ابن بليهد عام 1354هـ بموجب التذييل الموضح في وثيقة الإقطاع الذي أملاه الملك عبدالعزيز يثبت الشراء، ونص ذلك ما يلي:

(بسم الله الرحمن الرحيم. من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى من يراه بعد ذلك من قبل. هذا الذي أمضينا للشيخ ابن بليهد وكتب عليه الشيخ عبدالله فحنا ممضينه وبيع ابن بليهد على ابن ناقي بيع صحيح ما له معارض يكون معلوماً 4 ج 1354).

وكان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - هو الذي اشترى المُلك المذكور من الشيخ عبدالله بن بليهد لعبدالمنعم بن ناقي ودفع الثمن وقدره ألف وسبعمائة ريال بموجب وثيقة كتبها مطوّع القرين محمد بن عبدالعزيز بن محمد الهندي عام 1341هـ، وهذا نصّها: (بسم الله الرحمن الرحيم. حضر عندي غازي بن صايل فشهد بالله على نطق عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل، وأنه قال من جهة ملك القرين أنا يا عبدالعزيز قد اشتريت لعبدالمنعم بن ناقي ما ملك به ابن بليهد شريته بسبع عشرة مائة قبضهن الشيخ حاضر كتب شهادة غازي من نطقه محمد الهندي 9 ج 1341).

بعدما اشترى عبدالمنعم القرين نزله مع جماعته وأبنائه وصار رئيساً عليهم مدة ثم أناب عنه ابنه متعب رئيساً لجماعة القرين، وبقي فيهم أربعة أعوام ثم توفي في حدود عام 1342هـ، وكان أخوه عبدالله بن عبدالمنعم آنذاك يسكن الخويلص في منطقة حائل فاستدعاه والده إلى القرين ليحل محل أخيه متعب، وبعد حضوره عيَّنه والده رئيساً لأهل القرين ثم شارك في معركة السبلة عام 1347هـ ضمن جيش الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه، وتوفي فيها بعد أن بقي فيهم خمسة أعوام، ثم استمر عبدالمنعم بن ناقي رئيساً لعشيرته أهل القرين حتى توفي رحمه الله في الرياض عام 1364هـ بعد أن بلغ من العمر (95) عاماً.

وفي عام 1364هـ وبأمر من إمارة منطقة القصيم تم تعيين ناقي بن عبدالمنعم خلفاً لوالده ورئيساً لجماعته في القرين، وبقي فيهم حتى توفي رحمه الله عام 1400هـ.

بعد وفاته تم تكليف الشيخ موسى بن عبدالمنعم الذي وُلِد عام الرغامة 1344هـ رئيساً للقرين وبقي فيه لمدة ثمانية وعشرين عاماً، كان قبلها يعمل عمدة للبلدة ثم مديراً لبريدها، وهو أول رئيس للبلدة بعد تشكيل نظام المناطق، ومدة خدمته (35) عاماً. حتى تنازل عنها لابنه عبدالمنعم بن موسى عام 1428هـ بموافقة إمارة منطقة القصيم، وهو يشغل حالياً رئيس مركز القرين، نرجو له من الله العون والتوفيق.

أما بلدة القرين كما يقول العبودي (معجم بلاد القصيم) فتُلفظ بضم القاف وفتح الراء، وكان أصلها مورد ماء صغيراً للبادية ترد إليها لسقي الأنعام ثم نزلها ابن ناقي عام 1333ه. وأصل الاسم يطلق على تل أبيض غير مرتفع يعلوه مرو، وهو الحجارة البيضاء، ويقع شرق البلدة، ويمر بالبلدة الطريق المعبد المتجه من القصيم إلى المدينة المنورة، وهي تبعد عن الرس حوالي (16 كيلا) وعن بريدة (85 كيلا).

وورد في كتاب (الهجر ونتائجها في عصر الملك عبدالعزيز) أن القرين معدودة ضمن الهجر التي أراد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - منها موطناً للبادية حتى يتسعان بهم في مرحلة التأسيس.

أقول:

قامت الهجرة بداية على جهود عبدالمنعم بن ناقي وأبنائه وجماعته، وكان عبدالمنعم يتردد على علماء بريدة ويطلب منهم أن يوفدوا إلى القرين من يقوم بتعليم أبنائها وإرشادهم وإمامتهم في الصلاة، ثم ذُكر له المطوّع محمد بن عبدالعزيز الهندي في حائل ثم سافر إليها وطلب منه أن ينتقل إلى القرين من أجل إمامة مسجدها وتعليم أبنائها فوافق على ذلك، ومن ذلك الحين وهو يعمل إماماً فيها ومعلماً لأبنائها ومرشداً لهم حتى توفي رحمه الله.

أما المؤذن حينها فكان حمود بن فواز الحربي.

وممن عاصر قيام هجرة القرين مع رئيسها كل من: غازي بن صائل الحربي وعواد بن ضاحي الحويفي ومشفي بن هايس السليمي وزيدان بن إبراهيم السليمي.

وكان أهل القرين يشتهرون بالولاء والطاعة لولاة الأمر وحب الخير والتمسك بتعاليم الكتاب والسُّنة، كما اشتهر منهم مجموعة من الرجال الأبطال الذين شاركوا مع الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه في مرحلة التأسيس والبناء لهذا الكيان الكبير، حيث شارك بعضهم في بعض المعارك مثل: السبلة والرغامة والحرث وفتح المدينة المنورة وفتح حائل.

ثم استمر أهل القرين في الزراعة وإصلاح الأرض، وكان عبدالمنعم بن ناقي يعطي قطعاً من أرضه لمن يرغب السكن فيها حتى كثر الناس واستقروا فيها وعملوا على إصلاحها وزراعتها وحصلت المحبة والألفة بينهم.

ويحد القرين بموجب الوثيقة الموضحة: من الشمال العقلة، ومن الجنوب من حد فوقي قصور الجنبة، ومن الشرق العبيل، ومن الغرب شفا الدليمية.

والقرين حالياً مركز من مراكز منطقة القصيم من فئة (أ) مرتبط إدارياً بإمارة منطقة القصيم مباشرة. كما ورد في خريطة حدود القرين رفع مساحي يوضح حدود وأطوال ومساحة إقطاع ابن ناقي لملك القرين والدارج بالصك رقم 32 في: 28-2-1388هـ والصادر من محكمة الذيبية، والمساحة الإجمالية للإقطاع حسب الحدود والأطوال المذكورة بعاليه (196699470) مائة وستة وتسعون مليوناً وستمائة وتسعة وتسعون ألفاً وأربعمائة وسبعون متراً مربعاً. والله الهادي والمعين.

كتبه:عبد الله بن صالح العقيل الرس



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد