Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/02/2008 G Issue 12918
الأحد 03 صفر 1429   العدد  12918
هذرلوجيا
الفضاء العاري
سليمان الفليح

يقول صديقنا الكاتب الفلسطيني الساخر عبدالله الشيتي -رحمه الله- إنه قد أصدر في أواخر الخمسينيات الميلادية -وتحديداً- أيام الوحدة بين سوريا ومصر، إذ كان حينها يقيم في دمشق، يقول إنه أصدر رواية بعنوان (القديسة العارية) وقد أحدثت الرواية دوياً في الأوساط الثقافية وتناولتها بعض الصحف بالنقد الشديد وتلاقفها الناس لما فيها من إباحية مطلقة، الأمر الذي حدا بعبدالحميد السراج وزير داخلية (الوحدة) أو رئيس استخباراتها -لا فرق- أن يستدعي الشيتي، وكان مجرد ذكر اسم السراج لدى الناس في سوريا آنذاك يصيب المرء بالجلطة من شدة الخوف والهلع لما عرف عن السراج من قوة وبطش، يقول عبدالله الشيتي -رحمه الله- إنني حينما سمعت بتلك الدعوة الرهيبة ضاقت بي الأرض بما رحبت ولم أدر حينها أين المفر، ولكنني (حزمت ضلوعي) متسلحاً بالسخرية فقط لأنني لا أملك غيرها، وقلت إن الإنسان يموت مرة في العمر فلما لا أموت ضاحكاً وليحدث ما يحدث!!

***

قال الشيتي: حينما دخلت على (السراج) كانت عيناه تقدحان شرراً و(شراً) تعال لي على الفور (ياشيته) بدلاً من (ياشيتي) -وشيته هي الغوريلا لمن لا يعرفها- لماذا تكتب هذا العري الفاضح؟ أتريد أن تدمر أخلاق شباب الأمة؟ ثم إنك لم تحترم الدين المسيحي ونصف شعبنا يعتنق المسيحية، إذ كيف تُعري قديسة راهبة يا قليل الأدب والدين!!

يقول الشيتي: وحينما أطلق السراج كل قذائفه في وجهي، قلت له: يا صاحب السعادة إنني لم أقصد العري بحد ذاته، ولكن قديستي عارية؛ لأنها فقيرة ولا تملك ثمن الملابس في هذا الشتاء القارص، فهل يأمر سعادتكم بسترها (الله يستر على ولادك) ثم تقدمت وقبلت يده، وهنا كاد أن يضحك السراج، وقال: ولكن يا عبدالله كيف نسترها؟! فقال: تأمر يا مولانا بنفحنا بعض النقود ونحن سنشتري لها الملابس اللازمة، فهي ولا شك إحدى مواطنات الوحدة المباركة!! فضحك السراج وأخلى سبيل الشيتي مع نفحة بعض من المال للقديسة العارية (!!).

***

هذه الحكاية تذكرتها بمناسبة الاجتماع القادم لوزراء الإعلام العرب والذي سينعقد في 12 فبراير الجاري بمقر جامعة الدول العربية، إذ من المقرر -كما سمعنا- أنه سيناقش إدخال تعديلات على القوانين المنظمة لعمل الفضائيات و(الفضائحيات) العربية لا فرق، بل ووضع ضوابط يتم التوقيع عليها بين المحطة والدولة المانحة للترخيص لإقرار عقوبات محددة في حالة مخالفة هذه الضوابط تبدأ بالإنذار وتنتهي بالإغلاق.

***

وهذا ما دعونا قبلاً إلى (ما يشبهه) مع أننا مع حرية الإعلام (المسئول)، وضد العري المقزز الذي يشوه جمال الأنثى، وكذلك العري السياسي الذي يشوه جمال الحقيقة، وثمة عري ثالث لا يقل عنهما بذاءة ألا وهو العري (القبلي - الفئوي) الذي إذا ما ترك هكذا (سبهللا) فإنه سيعري وحدتنا الوطنية من كل منجزاتها التاريخية التي أرساها الموحد العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- وهذه أخطر أنواع العري فانتبهوا له!!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد