Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/02/2008 G Issue 12920
الثلاثاء 05 صفر 1429   العدد  12920
دفق قلم
القرآن الكريم والتفوُّق
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

معجزة القرآن الكريم لا تقتصر على جانبٍ واحدٍ، بل هي مرتبطةٌ بجوانب إعجاز متعددة في كتاب الله عزَّ وجلَّ يأتي إعجازه البلاغي البياني في مقدمتها، لأنَّ الله عزَّ وجلَّ تحدَّى به العرب الذين كانوا يفاخرون الناس ببلاغتهم وبيانهم وإبداعهم النثري والشعري، وقد كان القرآن معجزة بيانية لهم وما زال كذلك لكل بليغ من بني البشر إلى قيام الساعة، ثم تتوالى جوانب الإعجاز القرآني في التشريع، والإخبار عن الغيب ماضياً، ومستقبلاً، وفي الجوانب العلمية الكثيرة التي تتجلى للناس مع مرور الزمن، فما تصل البشرية بعد عناء طويل ودراسات كثيرة إلى حقيقة علمية ثابتة إلا وقد وجدت كتاب الله سباقاً لها بصورة أدهشت العلماء والمتخصصين ودفعت ببعضهم إلى إعلان إسلامه عن قناعة ويقين.

ولعل مما يغيب عن أذهان كثير من الناس أن الإعجاز البياني في القرآن الكريم لا يقتصر على جانب التألق في اللغة والبلاغة والبيان أسلوباً وتناسقاً واختياراً للكلمات، وترابطاً بين الجمل والسور والآيات، وعمقاً في المعاني والدلالات، وإنما يتجاوزه إلى جانب آخر مهم، ألا وهو تفتيق قدرات الذهن البشري، وفتح نوافذ التأمل والتدبر، وزيادة مستوى الذكاء والاستيعاب عند الإنسان بصورة ملموسة يؤكدها الواقع.

يقول خبر صحفي: جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة تقول: أكثر من 85% من الطلاب المتفوقين دراسياً وعلمياً على مستوى المحافظة، هم من طلاب وطالبات جمعية تحفيظ القرآن الكريم الذين يبلغ عددهم 44944 .

ونحن نقول: إنَّ هذا شاهد من الواقع يعلن للناس بهذه الصورة الرسمية، أما حقيقة هذا الأمر فهي ثابتة بالتجارب المتكرِّرة التي يدركها المربون وأولياء الأمور المباشرون في التعامل مع الأجيال الناشئة.

إنَّ الطالب الذي يمنُّ الله عليه بحفظ القرآن وتجويده يصبح ذا شخصية قوية محترمة، وذا تفكير منظم سليم، وذا مقدرةٍ لغوية، وتمكُّن بياني، بل إنه يصبح قادراً على التعامل مع الناس والحياة بطريقة أفضل من غيره، وليس معنى ذلك ادعاء الكمال النفسي والعقلي لكل من حفظ القرآن الكريم أو بعضه وأجاد تلاوته، ولكنَّ ظاهرة تألُّق الشخصية والتفوُّق عند حفظة كتاب الله والمعنيين بقراءته وتجويده وتدبُّره تظل بارزةً ماثلةً للعيان.

يتحدث العلماء عن أهمية المجال اللغوي في المخ البشري، لا من حيث إعطاء الإنسان القدرة على التعبير عما يريد، وإنما من حيث تحريك وتنشيط المجالات الأخرى جميعها في المخ البشري، كمجال الإبداع، والتفكير، والحفظ، والمشاعر وغيرها.

وإننا لنلمس الفوارق الكبيرة بين طالب صغير يعتني بالقرآن وتلاوته وحفظه وبين طالب لا يعتني بذلك؛ في طريقة تفكير كلٍّ منهما، وانشراح صدره ورباطة جأشه، وجرأته، وحسن تعامله مع الموقف، فإنَّ طالب القرآن الكريم يكسب النتيجة في هذه المجالات جميعها.

إنَّ القرآن الكريم نعمة عظيمة أهداها الله سبحانه وتعالى إلى البشرية عن طريق خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، فما أجدره بعنايتنا الدائبة!

إشارة

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}

www.AWFAZ.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد