Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/02/2008 G Issue 12924
السبت 09 صفر 1429   العدد  12924
يارا
عبد الله بن بخيت

من الصعب تحديد من انتصر في برلمان تركيا: الحجاب أم الديموقراطية؟ كأني بهذا السؤال أشير إلى أن الصراع الذي دار كان بين الديموقراطية وبين الحجاب. هناك مؤشرات كثيرة تقود إلى مثل هذا التصور. الحجاب لم يعد مظهراً من المظاهر الإسلامية الشائعة في بعض الدول ولكنه أصبح رمزا للصراع على مستوى العالم بين الحركات الإسلامية السياسية وبين الحكومات والمنظمات المختلفة. فكلما زاد عدد المحجبات في مجتمع إسلامي كلما أحسسنا بشيء من النصر للمنظمات الإسلامية ولا يعني في نفس الوقت أن هناك تقدما في الوعي بالدين أو أخلاقياته. إذا تذكرنا أن الحجاب هو آلية إسلامية مختلف على تحديدها وتعريفها ولكنها في مجمل تنويعاتها ترمز إلى المرأة المسلمة أياً كان شكل الحجاب الذي ترتديه. صار يكتفى في الموالاة السياسية الاكتفاء بالتسمية حتى تهب كل المنظمات الإسلامية وتمد يد العون حتى لو كان شكل الحجاب المطروح يتعارض جملة وتفصيلا مع تعريفها للحجاب المطلوب عملا سياسيا رمزيا لا عملاً دينيا يتقرب به المؤمن إلى ربه. صراع الحجاب في تركيا وقبله في فرنسا حالتان نموذجيتان لقوة حضور البعد السياسي وضعف حضور البعد الديني. في صراع الحجاب في تركيا. انتصر الحجاب كرمز سياسي وضعف كعمل ديني. أصبح من حق المرأة المحجبة أن تذهب إلى الجامعة بحجابها. نصر يفرح المؤيدين للحركات الإسلامية لأنه أدى إلى قبول طرح الإسلاميين ورفض وجهة نظر العلمانيين ولكن لا أحد فكر فيه عند التطبيق. عندما تذهب نشوة النصر ونبدأ في التوظيف العملي لهذا النصر سنجابه سؤالا مهما: أيهما أهم الحجاب أم الاختلاط. من سيجني ثمار هذا النصر. هناك مفارقة عجيبة تحتاج إلى تأمل. أرغم الإسلاميون خصومهم العلمانيين على السماح للمرأة بالاختلاط. الجامعات التركية مختلطة وقانون منع المرأة المحجبة من الدراسة في الجامعة هو في الواقع منعها من الاختلاط. ولكن فرض قبول المحجبات على الجامعات هو فرض الاختلاط على المحجبات.

فالصراع بهذا الاتجاه هو صراع مقلوب يحاول خلافا لمفهوم الحجاب في بعض الدول الإسلامية الأخرى يحاول إدخال المرأة في الحياة العامة بينما الحجاب في بعض الدول هو حجاب مادي ومعنوي يعمل على إبعاد المرأة عن الحياة العامة.

ومن الطبيعي أن الإنسان الذي سيرى في هذا النصر نصرا دينيا أن يؤمن بتبعاته المختلفة وأبعاده الحضارية. يعني من بين ما يعني أن المرأة يجوز لها ان تدخل معترك الحياة بكامل حضورها الجسدي الكامل لا يلزمها من أجل خوض هذه المعركة من السلاح سوى حجابها (المختلف عليه أصلا).

ففوز المرأة المحجبة بالدراسة في الجامعة بحجابها يعني السماح للمرأة التعلم والعمل في بيئة مختلطة. كل من يرى في هذا النصر نصرا لابد أن يقر بأن الاختلاط ليس موضع خلاف بين الجانبين. هذا يعيدنا إلى السؤال من المنتصر الديموقراطية أم الحجاب؟



Yara.bakeet@gmsail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد