Al Jazirah NewsPaper Monday  18/02/2008 G Issue 12926
الأثنين 11 صفر 1429   العدد  12926
يارا
عبد الله بن بخيت

من قرأ (نص وثيقة تنظيم البث والاستقبال الفضائي في المنطقة العربية) التي أقرها وزراء الإعلام العرب في جلسة استثنائية! سيجد فيها ما يكفيه ثلاث سنوات قادمة من الكلام والتعبير. كأي وثيقة عربية جماعية لا تستطيع أن تخرج عن العموميات إلى التفاصيل الضرورية. كل دولة عربية تتمتع بقوانين تختلف عن الأخرى ولا يمكن في الحال هذه أن تصاغ قوانين تحكم الكل إلا في إطار عام لا يمكن السيطرة عليه أو ضبطه. ونظرا لغرام أمتنا بالكلمات الضاربة على وتر الأخلاق والمبادئ ونظرا إلى أن هذه الكلمات لا تقدم ولا تؤخر ونظراً لأن هذه الكلمات لا يمكن أن يعترض عليها أحد تجدها دائما تبسط حضورها على الوثائق العربية المشتركة. تستخدم خطوطا لا يمكن بأي حال من الأحوال وضع تعريف مشترك لها. عندما تقول الوثيقة: (عدم التأثير سلباً على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة) أو تقول: (احترام كرامة الإنسان وحقوق الآخر في كامل أشكال ومحتويات البرامج والخدمات المعروضة) أو تقول: (مراعاة أسلوب الحوار وآدابه، واحترام حق الآخر في الرد) أو تقول: (حماية الأطفال والناشئة من كل ما يمكن أن يمس بنموهم البدني والذهني والأخلاقي أو يحرضهم على فساد الأخلاق أو الإشارة إلى السلوكيات الخاطئة بشكل يحث على فعلها) أو تقول: (الامتناع عن بث وبرمجة المواد التي تحتوي على مشاهد أو حوارات إباحية أو جنسية صريحة). والأخيرة مربط الفرس في المسألة الأخلاقية. كثير من الناس لا يعرف من الأخلاق إلا ما ارتبط بالمرأة ومع ذلك لا تؤمن الوثيقة أي تفسير حقيقي لهذا البند. نعلم أن هناك من يعتقد أن كشف وجه المرأة بل خروج المرأة على الشاشة عمل إباحي وآخر يرى أن كشف فخذ المرأة عمل غير إباحي وهذه المسافة المتروكة يمكن أن تفهم في الكلام العام اليومي ولكن لا يمكن أن تكون جزءا من وثيقة تريد أن تكون برنامج عمل قانوني يحكم العمل العربي الإعلامي المشترك.

تركز هذه الوثيقة على البث بأشكاله المختلفة وتنسى مشكلة عربية أزلية طالما أعاقت روح الأخوة والقومية التي تتحدث عنها هذه الوثيقة. فما يعكر صفو العمل القومي أو يسيء إلى القيم العربية موجود ولم يعمل أحد حتى الآن على وضع الأطر القانونية أو الأخلاقية أو القومية له. قبل فترة وجيزة كتبت في هذه الزاوية عن الفتاة السعودية التي انتهكت أبسط حقوقها على صفحات الجرائد في إحدى الدول العربية ولم يتوقف الأمر على انتهاك حقوق هذه المرأة (بوصفها سعودية) بل تعداه إلى الاعتداء على الشعب السعودي والإساءة إليه بتحويل قضية مرور تحدث كل يوم إلى قضية رأي عام وظفتها تلك الصحف للنيل من خلالها بالشعب السعودي. قضية المرأة هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة وسوف تستمر مع غياب ميثاق الشرف الإعلامي العربي عن مواضعه الأساسية. أستغرب أن ينبري وزراء الإعلام العربي لوضع القوانين والأنظمة للبث التلفزيوني والسكوت عشرات السنين عن الانتهاكات التي تمارسها الصحافة العربية في حق الشعوب العربية.

فاكس: 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد