Al Jazirah NewsPaper Monday  18/02/2008 G Issue 12926
الأثنين 11 صفر 1429   العدد  12926
تصنيف الجامعات بين المباهاة واللا مبالاة!
د. فهد بن علي العليان

حققت وزارة التعليم العالي - بلغة الأرقام - إنجازات متعددة سواء في أعداد الجامعات أو نوعية التخصصات ومدى ارتباطها بسوق العمل، حيث تزايدت أعداد الجامعات في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى وجود عدد من الجامعات والكليات الأهلية التي تساهم في التعليم الجامعي في مختلف التخصصات.

وقد أنشأت الوزارة عام 2004م الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي؛ بهدف تحسين الجودة في مؤسسات التعليم العالي؛ وبناءً عليه قامت الجامعات بإنشاء وحدات التقويم والاعتماد الأكاديمي في الكليات لضبط الجودة في مخرجات التعليم العالي.

إننا جميعاً نبتهج بتقدم وحصول جامعات المملكة على مستويات متقدمة في تصنيفات الجامعات؛ لأن هذا يدلل على قدرة هذه الجامعات على إعداد جيل يتفاعل مع معطيات ومتطلبات هذا العصر، لكن الأهم - من وجهة نظري - هو التسريع في إعطاء الجامعات السعودية استقلالاً تاماً في شؤونها التنظيمية والإدارية والمالية. إننا جميعاً بانتظار النظام الجديد للجامعات الذي من المؤمل أن يتيح الفرصة للجامعات لتوفير تعليم نوعي متميِّز لأبنائنا وبناتنا؛ لأن النظام الحالي هو أحد أهم الأسباب التي تعيق تقدم جامعاتنا؛ حيث قيد الجامعات وقضى على خصوصيتها، وقلص الكثير من صلاحيات الأقسام الأكاديمية، وأضعف دور مجلس الجامعة، مما جعل الأمور متعلقة بوزارة التعليم العالي التي ينبغي أن يكون دورها وضع معايير الجودة لضبط مستوى التعليم والأداء في الجامعات.

ومع الإقبال الكبير على الجامعات وزيادة أعداد خريجي وخريجات المرحلة الثانوية أصبحت الجامعات تستقبل أعداداً من الطلبة والطالبات فوق طاقتها الاستيعابية، دون أن يكون هناك تطوير في الوضع التعليمي، أو زيادة في أعداد أعضاء هيئة التدريس الذين يعانون من تدني مستوى رواتبهم؛ مما أدى إلى فقدان الجامعات للكثير من أساتذتها المتميزين الذين كانوا يساهمون في الرفع من مستواها، وأصبحت الجامعات - في مقابل ذلك - تتعاقد مع أساتذة من الخارج في مستوى أضعف وأقل كفاءة مما حول الجامعات والكليات إلى أماكن لتجريبهم وتدريبهم، وبهذا يدفع الثمن الطلاب والطالبات.

وبمناسبة تصنيف الجامعات الأخير، فإني أهمس في أذان القائمين على الجامعات بأن يهتموا بالعملية التعليمة داخل القاعات وبما يقدم للطلاب والطالبات بعيداً عن الركض خلف تحسين كمية المواد الموضوعة على بوابة الجامعة الإلكترونية - مع أهميتها -، بالإضافة إلى الاهتمام بالأبحاث العلمية؛ لأن الجامعات لا تُقاس بمستوى الأداء الأكاديمي فقط، كذلك العناية بإقامة الندوات والمؤتمرات التي تتجاهلها الكثير من جامعاتنا إلا بعض المؤتمرات التي يطغى عليها الجانب الدعائي أكثر من العلمي. إنه - من وجهة نظري - يجب ألا نفرح كثيراً أو نغضب كثيراً من هذا التصنيف أو ذاك، بل يجب أن نركز على ما تقدمه جامعاتنا من أداء يرضي طموحاتنا ويساعد في إعداد طلابنا وطالباتنا لليوم وللغد وفق المعايير العالمية المعتمدة والتصنيفات الدولية الرسمية!!

إن إنشاء المركز الوطني للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد يعد مرحلة مهمة تستجيب للمتغيرات المستجدة في عالم التقنية؛ مما يساعد في توفير فرصٍ تعليمية للكثير من أبناء وطننا الغالي الذين يبحثون عن إكمال دراساتهم الجامعية والعليا. كما أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث يساهم في تحقيق الكثير من التطلعات والإيجابيات وذلك من خلال اطلاع هؤلاء المبتعثين على الثقافات الأخرى والاستفادة من المستجدات التي تساعد في النهضة الشاملة التي تعيشها مملكتنا الغالية في ظل الدعم المستمر للتعليم الجامعي والعالي من قادة هذه البلاد.

وأخيراً، يأمل المهتمون - بعد طول انتظار - اكتمال الخطة الإستراتيجية للسنوات الخمس والعشرين القادمة التي ستحدد مستقبل التعليم العالي وتقترح البدائل والحلول.

* أستاذ المناهج المشارك بجامعة الإمام


alelayan@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد