Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/02/2008 G Issue 12928
الاربعاء 13 صفر 1429   العدد  12928
رؤية اقتصادية
زيادة أسعار بعض السلع يرجع إلى الاستغلال والاحتكار

تفاعلاً مع موجة الغلاء التي تطال هذه الأيام معظم السلع المحلية والمستوردة في أسواقنا ظهرت دعوات لمقاطعة بعض المنتجات الوطنية، ومن السلع التي دعمت الدعوة لمقطاعتها منتجات مزارع الألبان المحلية، وكنت من المعارضين لهذه الدعوة بناءً على اعتبارات وطنية بحتة، تتمثل بشكل أساس في المحافظة على الجهود الكبيرة والاستثمارات الضخمة الموجهة لهذا القطاع، والتي نقلتنا من اللبن المنتج من بودرة الحليب المخفوق بواسطة غسالات الملابس، في التسعينيات الهجرية لم يكن لدينا مزارع ومصانع لإنتاج الحليب وكان البديل بدائياً حيث تقوم بعض المحلات بخفق بودرة الحليب بواسطة غسالات الملابس ومن ثم بيعه في أكياس بلاستيكية إلى منتجات تضاهي مثيلاتها في الدول الصناعية الكبرى.

لذا كنت أرى أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أعلاف وأدوية وقطع غيار وعمالة.. يفرض على منتجي الألبان رفع أسعار منتجاتهم للمحافظة على استمرار مشاريعهم فضلاً عن المحافظة على جودة منتجاتهم، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث رأيت أن الزيادة التي أقرها المنتجون أقل من المتوقع وأنها لا تخلو من رغبة المنتجين في تحمل جزء من ارتفاع تكاليف الإنتاج من خلال تخفيض نسبة أرباحهم، ولكن بعد الاطلاع على بعض المعلومات المنشورة في صحفنا المحلية اهتزت قناعتي هذه وبدأت أعيد النظر فيها، وإذا كنت لا أشك في مشاركة الكثيرين لرؤيتي السابقة فإنني أجزم بأن معظمهم سيعيد النظر في هذا الموضوع بعد اطلاعهم على المعلومات التالية:

أولاً : برر عضو اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان المهندس عبدالعزيز البابطين الاتجاه لزيادة أسعار الألبان بزيادة مدخلات الإنتاج والتي عدّ منها بودرة الحليب بل واعتبرها ضمن المواد الأساسية الداخلة في الإنتاج حيث قال مبرراً رفع الأسعار (إن سبب ذلك يرجع إلى ارتفاع مدخلات الإنتاج بنسب عالية ومتفاوتة)، وأضاف: (إن الشركات المنتجة للألبان مطالبة بالالتزام بمستوى عال من الجودة في منتجاتها وهذا لا يحدث إلا بزيادة سعر منتجاتها وأنها ستصبح ضحية لارتفاع المواد الاساسية والداخلية في الإنتاج)، وأشار في هذا الصدد إلى (ارتفاع سعر الطن من بودرة الحليب بشكل خيالي من 500 دولار للطن عام 1958م إلى حوالي 7500 للطن بنسبة تبلغ 1400% إضافة إلى عدد من مدخلات الإنتاج الأخرى كالأعلاف وقطع الغيار مما يجعل شركات الألبان ترفع أسعارها بنسبة 16% لعبوات 2لتر) صحيفة الجزيرة عدد رقم 12882 بتاريخ 24- 12-1428هـ.

وبغض النظر عن سر مقارنة الأسعار الحالية بأسعار عام 1958م والذي يسبق إنشاء مزارع ومصانع الألبان في المملكة فإن مما يمكن أن نستخلصه هنا:

إن بودرة الحليب من مدخلات إنتاج الألبان الطازجة بل إنها من أهم المدخلات حيث ذكرت أولاً كما أنها المدخل الوحيد الذي حظي بالتفصيل في أسعاره، وهذا ينافي حمل ذكرها على أنها مجرد مدخل ثانوي ربما استخدام لتغذية المواليد في هذه المشاريع، كما أن الإشارة إلى أن رفع سعر الألبان ذات العبوات سعة 2 لتر بنسبة 16% في سياق هذا الحديث يلغي احتمالية استثناء الحليب واللبن من استخدام هذه المدخلات التي بررت الزيادة بها، كأن يقال أن بودرة الحليب تدخل في صناعة الأجبان مثلاً.

ثانياً : حققت إحدى الشركات الرائدة في إنتاج الألبان أرباحاً صافية عام 2007م تجاوزت 667 مليون ريال بزيارة عن الأرباح المحققة عام 2006م بأكثر من 202 مليون ريال، أي أن نسبة الزيادة في الأرباح الصافية لهذه الشركة عام 2007م مقارنة بعام 2006م تجاوزت 43%، كما أظهرت النتائج المالية لشركة أخرى انخفاض أرباحها الصافية عام 2007م مقارنة بعام 2006م بنسبة تقل عن 10% وكان من أسباب تراجع هذه الأرباح كما أشارت الشركة تأجيل ربح جزء من القمح المنتج ولم يسلم لصوامع الدولة. صحيفة الجزيرة العدد رقم 12899 بتاريخ 14-1-1429هـ.

ثالثاً : طالعتنا الصحف الصادرة يوم الأربعاء الموافق 24-12-1428هـ بموافقة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله لرضاه على دعم العناصر العلقية المستوردة التي تدخل في صناعة الأعلاف بوصفه مصدر للطاقة والبروتين بإعانات مقطوعة وشمل الدعم سبع عناصر وصفها معالي وزير الزراعة بأنها تعد من الركائز الأساسية التي تدخل في صناعة الأعلاف والعلائق المتوازنة الصحية المشتملة على الاحتياجات الغذائية اللازمة لصحة ونمو الحيوانات صحيفة الرياض العدد 14436 وهذا يسبق اقرار زيادة أسعار الألبان والتي طبقت في 26-12- 1428هـ وفقاً لما ذكرته صحيفة الاقتصادية حيث أشارت في عددها الصادر بتاريخ 28-12-1428هـ إلى أن شركات الألبان طبقت زيادة بمقدار 20% خلال اليومين الماضيين.

رابعاً : إن زيادة أسعار الألبان لم تكن نتاج قوى السوق ولكنها كانت نتاج اتفاق عدد من المنتجين المسيطرين عليه وبالتالي فهي نتاج ما يعرف باحتكار القلة.

في ظل ما سبق نشير إلى ما يلي:

- هل زيادة أسعار بودرة الحليب تعتبر مبرراً لزيادة الألبان الطبيعية؟ أم أن بودرة الحليب تدخل فعلا في هذه المنتجات وبالتالي يحق لي المطالبة بالجوائز القيمة التي رصدتها عدد من الشركات لمن يثبت أن منتجاتها ليست طبيعية 100%.

- أليس من الظاهر أن انخفاض الأرباح بنسبة لم تصل 10% ولاسباب لا علاقة لبعضها بالألبان فضلاً عن زيادتها بنسبة كبيرة لا يعد مبرراً مقبولاً لزيادة الأسعار.

- ألا يتعارض رفع مشاريع الألبان لأسعار منتجاتها من اللبن والحليب مع أهداف سياسة دعم الدولة لعدد من السلع والتي منها توفير السلع المدعومة ومنتجاتها بأسعار مناسبة خاصة وأن دعم الأعلاف والتي تعد مدخلاً رئيسياً لمشاريع الألبان صدر قبل تطبيق الشركات لزيادة الأسعار - كما أشرنا سابقاً - مما يجعل محصلة هذا الدعم تعظيم أرباح التجار المتعاملين مع هذه المواد وليس توفيرها ومنتجاتها بأسعار مناسبة.

أخيراً وبعد كل ما سبق وقياساً عليه ألا يحق لنا القول أن زيادة أسعار الكثير من السلع والذي نشهده هذه الأيام يرجع جزء منه على الأقل إلى الاستغلال والاحتكار وضعف الرقابة وليس إلى ارتفاع أسعار الاستيراد وعليه فهو تضخم محلي وليس مستورد وبالتالي يحق لنا المطالبة بتشديد الرقابة من الجهات المعنية وكذا المقاطعة لكل منتج يثبت ارتفاع سعره دون مبرر مقبول.

سالم عبدالعزيز السالم


alsalim23@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد