Al Jazirah NewsPaper Monday  25/02/2008 G Issue 12933
الأثنين 18 صفر 1429   العدد  12933
الحبر الأخضر
آل التعريف
أ. د. عثمان بن صالح العامر

لكل منا قصة.. ولكل منا هوية.. تتقاطع وقد تتشابك مع قصص وهويات الملايين من بني البشر.. ولكن تبقى لذواتنا التي نحمل في أجسادنا خصوصيتها وتؤثر فيها وتطبعها الأحداث التي نعيشها، العنوان الرئيس لقصص الناس وحكاياتهم وهوياتهم أسمائهم التي يُعرفون بها في الأوساط الاجتماعية التي هم فيها، والتي حسن اختيارها حق من حقوق الولد على والده.. (س) من الناس شاب عصامي نشأ في أحضان عائلة بسيطة جداً كانت ترعاه عجوز صاغتها الأحداث وعلمها عراك الزمن الحكمة في تصريف الأمور وتربية الصغار، أعرف جيداً أنها كانت وما زالت تحبه وتعطف عليه، تحاول جاهدة أن تلعب دور الأم معه، كثيراً ما قبلته، مسحت على رأسه واحتضنته لينام في حجرها حتى عندما صار ابن الخامسة عشر من عمره، عندما كان صغيراً لم تكن تحبذ خروجه إلى الشارع واللعب مع أترابه في الحي، وحينما كبر كانت تمنعه من الذهاب مع أصدقائه للبر والسهر في الاستراحة لأنها باختصار تعلم حقيقته وتجزم أن أولاد الحارة وأصدقائه عيال الديرة يعرفون من هو وقد يتلفظ عليه أحدهم بكلمة نابية فيقهره ويشعره بأنه ناقص عن غيره.. كان حنان هذه العجوز وحبها الصادق لهذا الصغير إضافة إلى تدين الأسرة عموماً وحسن عشرتها وعطفها على هذا الغلام كانت هذه مجتمعة أسباباً أساسية لنشأة هذا الغلام نشأة سليمة وتربيته تربية صحيحة، إضافة إلى أنه كان يتابع وبشكل دائم من قبل وزارة العمل والشئون الاجتماعية آنذاك وزارة الشئون الاجتماعية اليوم، وتعطى هذا المرأة الصالحة المسنة مبلغاً من المال شهرياً لتصرفه على هذا اليتيم، وتمضي السنوات سريعاّ وفي كل يوم تتزاحم الأحداث تمهيداً للوصول إلى حبكة القصة ذات المشاهد المتعددة وربما المتناقضة، وما أن تخرج هذا الشاب معلماً من إحدى كليات المعلمين وتم تعينه في قرية من القرى البعيدة عن مواطن الحضارة والعلم والتي ما زالت مصفدة بقيم وأعراف القبيلة التي تهتم بالعناوين أكثر من اهتمامها بالمضمون، ما إن حدث هذا الأمر حتى عانى صاحبنا أشد ما تكون المعاناة من كونه مجهول الأبوين (ذوي الظروف الخاصة) مع أنه كان يعاني من هذا الأمر من قبل ولكنها معاناة كان بالإمكان التغلب عليها وتجاوزها، عرف حقيقته طلابه قبل أهالي القرية وأولياء الأمور ولم يكن الأمر يحتاج منهم إلا كبير جهد فالشخص يظهر من عنوانه، إذ لا يوجد في اسمه ما يحسن السكوت عليه مما هو متعارف ومتداول بيننا كما أنه لا وجود للفظة (بن) بين اسمه والاسم الثاني الذي هو يشابه الأسماء المصرية التي تعودنا على سماعها في المسلسلات والأفلام (عبد الناصر، عبد الدايم ، عبد الودود...)، ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور موقف هذا المعلم مع تلاميذه وفي وسط مجتمع بسيط ومعقد تلفه ثقافة الصحراء ذات الشمس الحارقة والشتاء القاسي، ليست هذه معاناة شخص واحد حتى تحتوى وببساطة متناهية وإنما هي حكاية ذوي الحاجات الخاصة في دور الرعاية الاجتماعية وخارجها ممن يعيشون بيننا في ربوع بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية أرض المحبة والسلام، وهي حكاية تكبر مع الأيام وتزداد تعقيداً حين نتجاهلها ونظن أنه لا وجود لها، إنني لا أنكر ولا يمكن لأحد مثلي أن يجهل ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من جهود متميزة لكل فئات المجتمع المختلفة وعلى رأسها هذه الفئة. يدفعها إلى هذا الصنيع الخِير.. شريعتها، وإنسانيتها، وشعورها الوطني ،ومحبتها لفعل الخير، وذاتها القريبة إلى أوجاع الغير، ولكن ما دفعني إلى الكتابة عن هذا الموضوع زيارتي الأخيرة إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية في بلادنا الغالية وسماعي طرفاً من معاناة أبنائنا في هذه المحاضن التربوية المتميزة من مثل هذه الأشياء التي قد نعتقد أنها بسيطة وهي في حقيقة الأمر ذات أثر نفسي عميق ، وبعد السؤال عن هذا الأمر علمت أنه قد نوقش كثيراً من قبل أهل الاختصاص.. ورفع الأمر للمقام السامي الموقر وكان فيه أخذ ورد بين مقام وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية، وُسئل فيه أحد العلماء المعروفين، وخشية من اختلاط الأنساب أو أن ينتسب أحد لعائلة معروفة وهو ليس منها رؤى التوقف في الأمر وعدم إضافة أل التعريف، إنني أكتب هذه الكلمات ولدي قناعة تامة بأهمية مطارحت هذه القضية ومناقشتها بل سرعة احتوائها وعلاجها من قبل أصحاب القرار الذين يدركون بما لديهم حفظهم الله ورعاهم من أهمية البعد النفسي في تشكل الشخصية وسلامتها وعمق وطنيتها وتدينها، ولعل من قال بهذا القول من مشائخنا وفقهم الله يرجح بين المصلحتين ويقارن بين الضررين بعد أن يعيد النظر في التحفظ الذي ظن أنه قائم وهو لا وجود له غالباً خاصة في ظل ما نعرفه من حرص العوائل وفي دائرة أوسع القبائل والأفخاذ المعروفة على تشجير العائلة وتسلسل القبيلة علاوة على تشابه أسماء العوائل في مناطق بلادنا المباركة وليس بينهم نسب ولا قرابة، وقبل هذا وذاك الناس مؤتمنون على أنسابهم ، وأنتم أيها الأبناء الأعزاء في دور الرعاية الاجتماعية لكم من كل مواطن محب يعرف شرع الله ويحكمه في أمره كله صادق الدعاء وكل المحبة والوفاء والله يحفظكم ويرعاكم ويسدد على الخير خطانا وخطاكم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6371 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد