Al Jazirah NewsPaper Monday  25/02/2008 G Issue 12933
الأثنين 18 صفر 1429   العدد  12933
دفق قلم
كوسوفا والاستقلال
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

من مثقفي المسلمين مَن لا يعرف شيئاً عن كوسوفا، ومنهم من يعرف اسمها من خلال وسائل الإعلام ولكنه لا يعرف أكثر من ذلك، ولهذا فهو غير مهتم بأمرها، ولا معني باستقلالها، ولا يظن أنها ذات أهمية بالنسبة إليه.

أما المسلمون في كوسوفا فهم يترقبون اهتمام إخوانهم المسلمين في العالم الإسلامي، وينتظرون كلمة تدل على الاهتمام بهم، والحرص على مصلحتهم، ويظنون أن جميع المسلمين يعرفون هذا البلد، ويعلمون أن الأكثرية فيه مسلمون حافظوا على دينهم في أحلك الأوقات، وأشد الأحداث فظاعة في ظل نظام شيوعي منغلق قاس لا يعرف الرحمة.

نعم، المسلمون هناك ينتظرون كلمة فرح باستقلال دولتهم، ومفتي كوسوفا يصرِّح بذلك، ويعبر عن شعوره بالحزن للصمت الذي اكتنف العالم الإسلامي تجاه ذلك الاستقلال كما أشار إلى ذلك د. سلمان العودة الذي أكد أن المفتي الكوسوفي قال: إن المسلمين في بلاده ينتظرون من المسلمين الكثير من الدعم والتأييد، وإن فرحتهم بالاستقلال الذي جاء بعد تضحيات كبيرة، ومجازر أليمة تكتمل حينما يشعرون أن قلوب المسلمين ومشاعرهم معهم، وأنهم لا يعيشون وحدهم في مواجهة التحديات الصليبية التي حاولت أن تقتلعهم من جذورهم.

ونحن حينما نتناول موضوع كوسوفا هنا فإنما نشير إلى المشاركة المعنوية التي لا تتجاوز التعبير عن العناية بها، والاهتمام بأحوال المسلمين فيها ورفع معنوياتهم في دولة حصلت على الاستقلال بعد عناء طويل.

يا ترى ماذا تعني كوسوفا؟

دولة تقع في البلقان بين صربيا شمالاً وشرقاً ومقدونيا وألبانيا جنوباً، والجبل الأسود غرباً، ويبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، نسبة المسلمين فيهم 95%، ويتكون سكانها من الألبان بنسبة 90% والصرب بنسبة 4% والأتراك بنسبة 3% والبشناق بنسبة 2%، وقوميات أخرى بنسبة 1%.

وقد منَّ الله على كوسوفا بدخول الإسلام عام 1389م بعد مواجهة حاسمة بين الجيش العثماني والجيش الصربي في معركة شهيرة عُرفت بمعركة (كوسوفا) حيث هزم الصرب فيها هزيمة نكراء، وقتل فيها الملك الصربي بعد هزيمة جيشه.

ولعل هذا الحدث الكبير هو الذي جعل الصرب يشعلون نيران الحروب المستمرة ضد المسلمين، ويقودون تحالفاً مع بلغاريا والجبل الأسود واليونان لطرد الدولة العثمانية من البلقان، ليتسنى لهم الانفراد بالمسلمين هناك.

وقد تحقق لهم ما أرادوا بعد حروب طويلة تمت فيها - بمساعدة الغرب - تصفية الحسابات مع الدولة العثمانية، وعقد مؤتمر في لندن عام 1912م شاركت فيه معظم الدول الغربية، تمَّ فيه توزيع أجزاء من أراضي بلاد الألبان على المنتصرين، حيث أصبحت كوسوفا من نصيب المملكة الصربية في ذلك الوقت، ومن حينها بدأت المذابح الجماعية في البلقان عموماً، وفي البوسنة وكوسوفا خصوصاً، وتقول بعض الإحصائيات: إن عدد القتلى من كوسوفا وحدها بلغ ربع مليون نسمة، بينما بلغ عدد الفارين بدينهم عشرات الآلاف.

وقد عانى المسلمون بعد ذلك من الماركسيين أشد من معاناتهم الأولى، وهو ما لا يمكن الإلمام به في هذه المساحة الصغيرة.

إشارة

أليس من حق المسلمين في كوسوفا المستقلة أن يشعروا بأننا معهم؟

www.awfaz.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد