Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/02/2008 G Issue 12936
الخميس 21 صفر 1429   العدد  12936
هذرلوجيا
عاملوهم هكذا
سليمان الفليح

هكذا هو دائماً وللأسف الشديد دأبنا نحن أبناء الأمة العربية بشكل خاص وأبناء الأمة الإسلامية بشكل عام إذ كلما سمعنا - ولمجرد (السماع) فقط أن ثمة من يشتمنا أو يمس عقيدتنا أو يتطاول على ديننا الحنيف أو شريعتنا السمحة أو يسخر منا كأمة إلا وهببنا هبّة رجل واحد وهددنا وتوعدنا بالقتل والثبور وعظائم الأمور صدر تلك الشتيمة أو المساس أو التطاول أو السخرية وذلك هو بالضبط ما يجعلنا دائماً نضيع حقنا الواضح بالضجيج والتهديد والوعيد ونحن نشبه في هذه الحالة الصائد الذي يضع (طريدته) - أو (صيدته) بكثرة العجاج والغبار و(الضهولة) و(الجهولة) فلا هو يصيب منها مقتلاً من جهة وهو من جهة أخرى يثير ما حولها من صيد و(يذيره) ليفر (مستفزاً) من كل الجهات وهذا بالطبع ما حدث معنا عندما أصدر الروائي - الهندي الأصل الإنجليزي الجنسية سلمان رشدي روايته المشؤومة والخسيسة تلك إذ انهالت عليه التهديدات بالقتل من كل الجهات والأفراد ولم يتقدم فرد مسلم ولا جهة إسلامية برفع دعوى قضائية على سلمان رشدي أمام القضاء البريطاني الذي يصر في دستوره على احترام الأديان وعدم المس بالمعتقدات، أقول لم يتخذ أي أحد منا طريقاً قانونياً، بل لجأ إلى أساليب الترهيب التي انعكست سلباً على سلوكنا كأمة لا تحاور إلا بالقتل مما زاد في شعبية سلمان رشدي أمام الأمم والأديان الأخرى وأتاح له فرصة إعلانية مجانية لا تقدر بثمن لرواج أعماله السابقة واللاحقة.

واليوم ها هو نفس الأسلوب يتكرر معنا في مسألة الصحف الدنماركية التي تجرأت إحداها يوماً بنشر كاريكاتير يسخر من سيد الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ هددنا وتوعدنا تلك الصحيفة ولم ترفع عليها قضية واحدة أمام قضاء بلادها باسم الإسلام أو باسم المؤتمر الإسلامي أو باسم أية دولة إسلامية بل وحتى فرد مسلم واحد، لذا حينما ازداد تهديد بعض الإخوة المتحمسين والغيورين حد التشدد لتلك الصحيفة والذين أخذ الحماس بعضهم إلى التهديد بالقتل وتدمير الصحيفة ومقاطعة البلد الذي تصدر منه ولم يلجأ أي أحد منهم إلى القانون الدنمركي نفسه والذي ينص في إحدى مواده على احترام الأديان وحرية المعتقد، وكذلك هو كما أعتقد قانون مطبوعاتهم ومطبوعات أي بلد حضاري بالفعل لا بالاسم، أقول إنه حينما عدنا إلى نفس أسلوبنا التهديدي الأول مع سلمان رشدي ومع الصحيفة الدنماركية الوحيدة التي نشرت الكاريكاتير (المسخ)، أقول إننا بذلك قد انحنينا للأمم والأديان الأخرى والأعداء على حد سواء أن تشمت بأساليبنا (اللاحضارية) حسب وجهة نظرهم (الحولاء) بل ألبوا علينا المزيد من الصحف لأننا لم نلجأ إلى المقاضاة بل للتهديد بالقتل والمباهاة فمتى نعرف بأساليبهم لكي نقاضيهم بها؟.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد