Al Jazirah NewsPaper Friday  29/02/2008 G Issue 12937
الجمعة 22 صفر 1429   العدد  12937
أما بعد
انطباعات وقراءة 1-2
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

عصفت موجة الغلاء بالأسواق المحلية كما هو الحال في كل الأسواق العالمية، وأحدثت هذه الموجة ربكة واضطراباً في موازنات الأسر وقدرتها في تأمين مستلزمات الحياة اليومية، وكثر الهرج في مسوغات هذا الغلاء، وكيفية كبح جماحه، وتقدمت الهيئة الاستشارية بجملة من التوصيات الشاملة، وكلها ذات علاقة مباشرة بمعاش عموم الناس ومستلزمات حياتهم اليومية، وتحولت التوصيات إلى قرارات. وحيث إن للمال في النفس مكانة، ولكون الطبائع البشرية مجبولة على حب المال وجمعه، فقد سيطر القرار الثالث على كل القرارات، والمتمثل في (إضافة بدل بمسمى (بدل غلاء المعيشة) إلى رواتب موظفي ومستخدمي ومتقاعدي الدولة سنوياً بنسبة 5 في المائة وذلك لمدة ثلاث سنوات)، وتم التغافل عن القرارات الأخرى وجاءت ردات الفعل عليها سلبية مستعجلة، وعبرت عن خيبة أمل وإحباط. ولا شك أن الإنسان بطبعه البشري ميال تواق إلى الاستزادة من المال. ويعتقد البعض أنه كلما تزايدت أرقام المال في الحسابات، كلما شعر الإنسان بالاطمئنان والاستقرار والسعادة. وهذا ظن خاطئ بطبيعة الحال، يقول سنيكا: (السعادة في تقليل الرغبات، لا في زيادة الثروات)، وهذا البيت ينبه إلى أن السعادة في تقوى الله لا في جمع المال:

ولست أرى السعادة جمع مال

ولكن التقي هو السعيد

أعلم أنني أجدف عكس التيار، وأنني سوف أثير غضب البعض، لا سيما الذين لا يؤمنون بمقولة سنيكا. ومن البدهي أن التقوى إذا اجتمعت مع مال، فذاك منتهى الطموح، ومبلغ الآمال، ولكن دعونا نساير التيار في تطلعه إلى زيادة معتبرة. فلو حصلت كما كانت التمنيات، فإن هذه الزيادة، سوف تقتصر على موظفي الدولة ومستخدميها والمتقاعدين، أما عدا هؤلاء من عامة الناس فلن تشملهم. ليس هذا فحسب بل سوف يتضررون من هذه الزيادة التي ستؤدي إلى ارتفاع كبير في كل المستلزمات الحياتية إذا لم تضبط بالسيطرة المحكمة على المبيعات والعقارات، فلا هم استفادوا من الزيادة، ولا سلموا من تبعاتها، والشواهد على سلبية الزيادة المفاجئة ليست منا ببعيد، فكلكم تابع وعرف ماذا حصل في الدول التي زادت الرواتب، حيث تسربت الزيادة إلى تجار السلع، وملاك العقارات، فلا الموظف الذي شملته الزيادة استفاد منها، ولم يسلم من انعكاساتها السلبية السواد الأعظم الذي لم تشمله الزيادة. ولهذا فإن القرارات التي صدرت يوم الاثنين 20 محرم، تعد قرارات حكيمة في مبناها، عميقة في رؤيتها، شاملة في فوائدها وعوائدها المنتظرة، ويرى كثير من المحللين أن هذه القرارات تعد من أنضج القرارات وأكثرها حكمة وبعد نظر.

وهنا يرد تساؤل الآتي: أين ملامح النضج والحكمة وبعد النظر في هذه القرارات؟

للحديث بقية



Ab.moa@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد