Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/03/2008 G Issue 12938
السبت 23 صفر 1429   العدد  12938
يارا
عبد الله بن بخيت

ما كنت أظن أن تتطور حكاية مقال الدولار ويسجل ردود فعل واسعة. نشرت حكايته إيلاف وبعض المواقع الإلكترونية الأخرى وتعرضت له محطة ال بي سي بل ترجمت القضية بقضها وقضيضها إلى اللغة الإنجليزية. لن استغرب إذا سمعنا أوباما في إحدى حملاته الرئاسية يدين خالد المالك على عدم نشره.

للحقيقة بدأت أستمتع بالإعلام. أصبحنا جميعاً في بيت واحد. لن يغيب عنك أي شيء يتعلق بك أو بحياتك أو ببلادك. لا توجد مقالة تهمني لم أقرأها لا توجد مقابلة تلفزيونية مهمة لم أشاهدها. لا تحتاج أن تتواصل مع العالم فالعالم سيأتي إليك. سيأتي من يخبرك بما يحدث حواليك وفي العالم. تصور نفسك قبل سنوات. تصور العزلة التي كان يمكن أن تعيشها. كيف كان العالم هادئاً وخجولاً. لا أتذكر في تلك الفترة وما قبلها أن هناك مقالاً هز البلد أو كتاباً أحدث ضجة أو مقابلة تلفزيونية صخب أثرها. كانت الجريدة المصدر الأكبر للأخبار. انزوت. صارت واحدة من مصادر كثيرة ومتنوعة وربما أضعف المصادر. الجوال كما تلاحظون صار من المصادر الأساسية للأخبار. بالمناسبة قريباً سوف تنتهي وظيفته التلفونية.

ستصبح المكالمة الصوتية مجاناً لوجه الخدمات الأخرى التي سوف يقدمها. هذا مثال بسيط. الرقابة أصبحت على المحك. أصبح العمل الممنوع هو أكثر الأعمال انتشاراً بين الناس. صارت الرقابة تؤدي دوراً عكسياً. بدأت علامة هذا الشيء من الرقابة على الكتاب. أي كتاب يصادر يصبح مطلوباً ويدخل في قائمة أفضل المبيعات. دخلت الأشياء الأخرى في هذا النطاق. الصورة، المقال، المقابلة التلفزيونية الخبر إلخ. درجة انتشارها تتناسب طردياً مع حساسيتها الرقابية. كلما ازدادت الحساسية تجاه مادة إعلامية كلما زاد انتشارها. مقال الدولار لم يكن المقال الأول الذي رفض نشره. أكتب منذ أكثر من ثلاثين سنة.

رفض لي مئات المقالات. في الماضي أول شيء تتعلمه في فن الكتابة هو أن تتعلم كيف تكتب مقالاً لا يرفض. لا يتدرب الإنسان على الكتابة كنا نتدرب على الرقابة. أعرف زملاء ما زالوا مبتدئين في الكتابة لأنهم اكتفوا بالتدرب على الرقابة وبرعوا فيها وشقوا طريقهم بكل اقتدار. لم تجبرهم الظروف على تعلم الكتابة طالما أتقنوا فن الرقابة. لا توجد قوانين معينة تتبع ولا حتى إحساس معين يستوجب تطويره. مجال النشر كان ضيقاً. يتعلمه المرء في أيام معدودات. أتذكر أول مقال رفض لي. رفضه خالد المالك نفسه. كتبته عن بنات الجيشا. صدمت ولكني تعلمت. اكتشفت بعد فترة من النشر أن كل شيء (تقريباً) كان ممنوعاً.

يجب أن يكون المقال كالكائن المحنط بلا حياة ومفرغ الأحشاء أيضاً. استمر هذا الأمر طويلاً إلى أن دخلنا عصر الملك عبد الله بن عبد العزيز. انتقلنا فجأة من الغرف المظلمة إلى الضوء. صار قرار حرية النشر في يد رئيس التحرير. يرفع درجة الحرية بالقدر الذي يناسبه. وللحق أقول إن خالد المالك هو من أكثر رؤساء التحرير الذي استفاد من ضوء الحرية الذي أشعله هذا الملك الذي لن يتكرر.

فاكس 4702164


yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد