Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/03/2008 G Issue 12938
السبت 23 صفر 1429   العدد  12938
تجاعيد في وجه الاقتصاد الوطني..
عبد العزيز السماري

أثار الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الدكتور آلان جرينسبان في منتدى جدة الاقتصادي انتباه الحاضرين في الأمس القريب حين قال: إنه (يميل إلى تعويم عملات دول الخليج وإنهاء ارتباطها

بالدولار مبينا أن ذلك سيخفف من شدة التضخم بدرجة كبيرة في الأجل القصير، واصفا في الوقت ذاته الاقتصاد الخليجي بأنه (ريعي) ومطالبا الخبراء ببذل الجهود للوقاية من العثرات والتقليل من التضخم)... ليأتي الرد على توصية المسؤول الأمريكي السابق مقتضباً ولا يحمل إجابة شافية للمتابعين..

ما زلنا نأمل من أحدهم أن يخرج يوماً ما أمام الناس ويتلقى الأسئلة من المهتمين في شئون الوطن وهمومه الاقتصادية على أن يكون مستعداً على إعطاء إجابات مفصلة عن مثلاً لماذا نظل مرتبطين بالاقتصاد الأمريكي؟، والذي لن تحدث فيه معجزة ارتداد كما أشار آلان جرينسبان إليه في محاضرته عندما أوضح أن نمو الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد في العالم توقف، وأنه كلما طالت الفترة التي يقضيها الاقتصاد عند مستوى الصفر زاد احتمال انكماشه، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي يبلغ معدل النمو الاقتصادي الأمريكي صفرا..

أعتقد أننا نمر في مرحلة تستحق التغيير في وضع الاستراتيجيات الاقتصادية، فالطفرة الجديدة مختلفة تماماً عن سابقتها، وستكون مستمرة لفترة طويلة، كما أشار إليه أيضاً المسئول الأمريكي السابق، فأسعار النفط لن تعود إلى سابق عهدها، والثروة ستستمر في الهطول على خزائن هذه الأرض الطيبة، والأيام القادمة حاسمة في تاريخ الاقتصاد الوطني.. الكل يترقب، والناس بمختلف مشاربها تدرك حجم التغيير في الدخل الوطني، لكن الأجوبة على تساؤلاتها المشروعة ظلت أسيرة الإجابة المبهمة أو نحن أعلم بشئون دنياكم، والثقة في تصريح المسئول لم تكن كما كان في السابق، ولعل أهم أحد الأسباب هو الجمود الإداري ،وعدم التجديد في إدارة الاقتصاد الوطني..

المستقبل في أمس الحاجة لعقول اقتصادية تقدم خططاً وإجابات تحمل في طياتها الشفافية والطموح، والتجديد في الشخصيات والرؤى مطلب استراتيجي لمصلحة الوطن أولا، وحل تتطلبه المرحلة الجديدة والطفرة المستمرة في الحاضر وربما المستقبل..، ولا يمكن لعقول من عصر اقتصادي في طريقه للانكماش أن تخطط لاقتصاد المستقبل، والفكر والرؤى الاقتصادية تشيخ وتهرم، وفي أغلب الأحيان لا تعد قادرة على مواكبة التغيير في الاقتصاد الوطني والعالمي..

شبت أجيال وشاخت أخرى، ووجوه الاقتصاد وشخصياته وإجاباته المقتضبة لا تزال تتكرر على صدر صفحات صحفنا اليومية.. ألا يستحق هذا الوطن أن تتجد الدماء في شريان إستراتيجياته الاقتصادية؟.. ألا يوجد في هذه الأجيال المتعاقبة من يحمل رؤى وخططا تنموية متحررة من هذه النظرة الغارقة في التقليد والتكرار؟!.. نحن ما زلنا مع التقليد وتكرار الصورة، ونواجه صعوبة كبيرة في تجاوز مرحلة إلى أخرى في عصر لم يعد يعترف إلا بالحركة إلى الأمام، ويرى في الركود نهاية النجاح وبدء زمن التراجع إلى الخلف..

شدد المسئول الأمريكي (السابق) على ضرورة إجادة التعامل مع القطاع الخاص لكيلا يتحول إلى ما أسماه (زائدة دودية) منوهاً إلى ضرورة تدخل الدولة في هذه العلاقة، مشيرا إلى أن الصين بنت نجاحاتها على التدرج وإدخال إصلاحات إضافية على الاقتصاد لتعزيز العلاقة بين القطاعين وتجنباً لأية هزات اجتماعية محتملة.. والصين مارد يخترق صفوف الاقتصاد العالمي، ويقترب من تبوؤ منزلة الصدارة..

سياسيو الصين وأعمدة حزبها التاريخي أدركوا جيداً أهمية التدرج في البناء الاقتصادي، وألا يحدث للمجتمع كما حدث في روسيا عندما تأخر التغيير ليأتي زمن لا يحتمل إلا خيار التغيير الجذري وبصورة سريعة.. مما نتج عنه خروج ثراء فاحش عند بعض المسؤولين أو بتعبير أكثر دقة حصل انفراد بالثروة نتيجة الفساد والغموض غياب المحاسبة، كانت عواقبها كوارث اجتماعية وصلت آثارها إلى شواطئ الخليج.. على الطرف النقيض من هذه المعادلة تؤدي الرؤية الاقتصادية المحافظة لدرجة التجمد أيضاً إلى انفراد الأقلية بالثروة وإلى ضياع فرص التغيير التدريجي في عصر الطفرة المستمرة.. ويعني مفهوم الزائدة الدودية ذلك الجزء الذي يخزن ويجمع المواد لكن لا يشارك في بناء الجسم ونموه.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6871 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد