Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/03/2008 G Issue 12938
السبت 23 صفر 1429   العدد  12938
السكن ما بين هيئة الإسكان والصندوق العقاري
عبدالله بن محمد أبابطين

لا يزال هناك جدل بين مؤيدي قيام الدولة ببناء المساكن وتوزيعها على المواطنين وبين زيادة القروض العقارية للمواطنين لتفي بمتطلبات ارتفاع الأسعار.

وإن كان الرأي الأول هو المرجح لدى الكثيرين ولكن المعوقات أمامه كثيرة ومتنوعة أهمها توفر الأراضي المناسبة، إلى جانب آلية التوزيع وطول المدة التي تستغرقها.

ولربما صعوبة قيام الدولة ببناء مساكن جديدة بدلاً من الوضع السابق ومن المتوقع كرأي شخص أن تستمر هذه المشكلة بل قد تتضاعف مع زيادة الطلب على المساكن والزيادة السكانية الهائلة، وأيضاً فإن المشكلة ليست في من يتولى مسؤولية وصلاحية هذا العمل، بل المشكلة أبعد من ذلك وأكثر صعوبة والخوف كل الخوف أن ترجع المبالغ المخصصة للمساكن إلى وزارة المالية وتدور سنة بعد سنة وإذا كانت الأرقام تقول إن لدينا 450 ألف طلب لدى البنك العقاري وإن البنك العقاري لا يستطيع أن يغطي أكثر من 6% من هذه الطلبات.. إذاً المشكلة تزداد صعوبة يوماً بعد يوم.

ولنا رأي في ذلك قد يكون بحكم المعايشة للواقع واحتياج الناس وما يتلاءم مع متطلباتهم سواء من حيث نوع البناء ومواصفاته وموقعه وحتى إيجاد الأرض المناسبة:

1 - استمرارية الجهات والهيئات السابقة في عملها لتوفير السكن المناسب وبالطريقة التي تراها مناسبة -المهم توصلنا إلى توفير السكن- وهذا بدوره سوف يخفف الأزمة بمعنى عدم تحميل كافة المسؤولية على الهيئة العليا للإسكان.

2 - التجربة التي مرت بها البلاد بعد إنشاء صندوق التنمية العقارية تجربة رائدة وحققت الكثير من الإنجازات وأثبتت نجاحها ولم يكن أمامها أي عائق إلا الدعم المادي، فلربما أن دعم الصندوق ولو بنصف المخصص للإسكان فذلك سوف ينهي مشكلة ما لا يقل عن خمسة عشر ألف مواطن بانتظار القرض (300 ألف).

3 - إن معظم من ينتظرون القروض لديهم أراضٍ جاهزة للبناء.. وفي ذلك حل مشكلة توفير الأراضي التي تعاني منها الجهة المسؤولة أشد المعاناة.

4 - الناس أدرى بأمورهم وأحوالهم ولا شك أن مضاعفة نسبة القرض الحالية التي تمثل 25% من تكاليف البناء سوف تساعد المواطنين سواء من لديهم أراضٍ وينتظرون القرض أو ممن سوف يعالجون مشكلة الأرض بأسلوبهم الخاص.. المهم أن الدولة - حفظها الله - تقوم بتوفير المبلغ وتترك مسألة تدبير الأرض للمقترضين.

5 - إن معظم من هم على قائمة الانتظار لدى البنك العقاري والذين تجاوزت مدد انتظارهم عدة سنوات قد دبروا أمورهم من حيث ملكية الأرض وبهذا تخف مشكلة البناء والنفقات ومعظمها أيضاً يقع في مناطق بها خدمات مما يقلل تكلفة البناء وخدمات المياه والصرف الصحي.

6 - إن ترك الخيار في البناء للمواطن نفسه سوف يزيل فكرة المباني الشعبية أو مباني الدخل المحدود التي لا يرغبها كثير من الناس فهم بذلك سوف يدمجون ضمن بقية المواطنين ولا تخرج علينا مثل هذه التفرقات غير المرغوبة.

7 - إن بناء المساكن من قبل المواطنين في مواقع متفرقة له آثاره الاجتماعية الطيبة بحيث يلغي فكرة التجمعات لفئات معينة قد ينظر إليها بمنظار يختلف عن الآخرين، وهذا للأسف مشاهد ونعايشه.

8 - ترك الخيار في البناء للمواطن يخفف العبء على الإدارات الحكومية المختلفة في أداء الخدمات الأرضية وكذلك أعمال الصيانة للمباني الحكومية، كما يعطي الاستقلالية للمواطن حسب اختياره وحسب قراره بنفسه.

9 - إذا كان لدى البنك العقاري 450 ألف طلب وهذه تحتاج إلى مالا يقل عن 200 مليار ريال علماً بأنها في زيادة مستمرة، فإن مشكلة تبني الدولة للمساكن سوف تكون عبئاً مستمراً يشغلها عن أداء خدماتها الأخرى، لذا فإن تحديث وتطوير صندوق التنمية العقارية بمبدأ أن القرض للبناء وللأرض فكل مواطن سوف يختار الأرض والبناء المناسب وقدراته وما يحصل عليه من البنك العقاري ومن مدخراته الخاصة وهذا يطمئن المواطن بأن دولته قدمت له القرض وعليه تدبير أمره حسب قدراته.

10 - ولربما أن إدراج مشاريع لمساكن منسوبي كل وزارة أو مؤسسة حكومية في ميزانية تلك الجهات وإلزام البنوك والشركات ببناء مساكن لمنسوبيها وفق قروض طويلة الأمد كما تفعل شركة أرامكو السعودية سوف يخفف من طلبات القروض لدى الدولة.

وأخيراً لأن مشكلة السكن أصبحت في تفاقم مستمر، لذا فإن التخطيط السليم والسريع المبني على توفير الاعتمادات المالية الكافية وتفعيل دور الجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وجعل مسألة السكن من أهم الالتزامات على هذه الجهات لاشك أنها سوف تحل هذه المشكلة الصعبة.

والله الموافق.



abdullahababtain@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد