Al Jazirah NewsPaper Monday  03/03/2008 G Issue 12940
الأثنين 25 صفر 1429   العدد  12940
يارا
عبد الله بن بخيت

بين فترة وأخرى نقرأ تقريراً صادراً عن أحد التجمعات العربية كالجامعة العربية يتضمن أرقاماً فادحة عن العقول العربية المهدرة في المهاجر الغربية. أمريكا تستولي على كذا وألمانيا على كذا وهولندا كذلك وبريطانيا والدنمرك. وما إن يتفاقم أمر التقرير المدعم بالأرقام حتى تبدأ الأقلام المتفجعة من المحيط إلى الخليج تسطر المقالات التي تذرف الدموع المدرارة على العقل العربي والمخ العربي ثم تأتي أقلام أخرى تذكرنا بالرازي وابن الهيثم وابن خلدون وابن زعطون و(الخبل عباس بن فرناس) ثم يلحقها فريق من الأقلام تكيل الشتائم للجامعات العربية ومراكز الأبحاث، وفي خضم الدموع الشاكية الباكية تبدأ المقالات التي تدين المجتمع العربي الطارد للعلم والمعرفة ثم ننتقل إلى المجموعة الأخرى من الأقلام الأكثر رزانة وتماسكاً تقدم المقترحات وتطالب بزيادة رواتب الباحثين وأساتذة الجامعات وتشجيع المواهب الشابة (طبعا) وتطالب بتأمين الدعم اللازم وتستمر الحملة شهراً أو شهرين ثم تبدأ بالخفوت إلى أن تتلاشى في خضم الحياة أو تنتقل إلى مواضيع جديدة. وبعد أشهر يظهر باحث عربي يعمل في الغرب على صفحة إحدى الجرائد أو على شاشة التلفزيون يتحدث عن عظمة الغرب في البحث العلمي وطيبة الغرب وسخاء الغرب فجأة تستيقظ الأقلام المشار إليها أعلاه وتعود نفس الحكاية (التباكي وعباس بن فرناس والمواهب الشابة المهدرة والمجتمع العربي السيئ إلخ). مع الإشارة بصورة صريحة أو مضمرة أن هناك أجندة غربية خفية صهيونية ماسونية تسلب الأمة العربية عقولها وتبقي على عجولها. دورة مستمرة أسمعها منذ أن وعيت. اسطوانة لم يمل أحد من تردادها ومن مات حل محله كاتب جديد لنستأنف الحكاية.

لا يذكر أحد أن من نسميهم العقول المهاجرة هم بشر ذهبوا من أجل لقمة العيش. بعضهم عمل سواقاً وبعضهم عمل خبازاً وبعضهم تاه وبعضهم عاد وبعضهم وجد فرصة دراسية وعمل أستاذاً جامعياً أو باحثاً وعالماً. في النهاية هي فرصة عمل. الصراخ المستمر والشعور بالهزيمة والشعور بالدونية ومحاولة الإساءة للغرب بأي ثمن هي التي خلقت من هؤلاء شيئاً له قيمة. هذه العقول لم تصنع الحضارة الغربية ولم تساهم فيها بالحجم الذي توهمنا به التقارير. ناس وجدوا لقمة عيشهم بحسب المواهب التي يملكونها. نتجاهل أن بعض العرب المهاجرين عملوا في السياسية وعملوا في التجارة عملوا في المافيا أيضاً. المسألة برمتها فرص وظيفية توزع عليها المهاجرون. أما الهجرة بحد ذاتها فهي موجودة في كل زمان وتحدث دائماً بين كل الشعوب. والعقول موجودة في كل مكان وفي كل زمان ولا تحتاج أن تعيد من هاجر منها. المسألة لا تتعدى احتياج يولد وظيفة سواء كانت وظيفة عالم أو وظيفة خباز. سلسلة من الوظائف تجر بعضها بعضاً حتى نصل إلى وظيفة العالم. كلما قرأت بكائية من هذا النوع أتذكر بيت شعر طفشت من كثرة سماعه أيام الدراسة يقول: كفكف دموعك فليس ينفعك البكاء ولا العويل. رجاء اللي يذكر بقية البيت يبعث به إلى عنواني أدناه.

فاكس: 4702164
YARA.BAKEET@GMAIL.COM


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد