الشيخ محمد بن عبود العمودي - أحد أبرز وأميز رجال المال والأعمال في محافظة جدة - رجل لا يختلف عليه اثنان بقدر ما يأتلف عليه خلق كثير؛ ذلك أنه لا يبحث عن الدنيا بقدر ما يبتغي الآخرة ولا يحب المديح في وجهه بقدر ما يحب دعوة صادقة في جوف الليل الأخير من يتيم لم يقهره أو سائل لم ينهره لذا فإن الحديث عنه أشبه ما يكون بالمستحيل الذي يسكن أحلام العاجز ويستوطن أقلام الكاتب، لكنني سأحاول بكل ما أوتيت من الحلم وسأزاول بما اكتسبت من العلم ولن أدخر جهداً في سبيل تسطير كلمة شكر لهذا الرجل الشاهق الذي لا يكره شيئاً في الدنيا بقدر ما يكره أن تذكر محاسنه وتشكر أفعاله دون الإشارة لعيوبه وهذا هو سر نجاحه وكفاحه الذي أوصله لهذا المكان وجعله ممن يشار إليهم بالبنان في زمن أوصد فيه البعض ممن يكنزون الذهب والفضة أبوابهم في مجالات الخير وأحاطوا أنفسهم بهالة صحفية كاذبة من أجل أن يحمدوا بما لم يفعلوا لكن الشيخ محمد بن عبود العمودي لم ولن يكون أحدهم على الإطلاق وليس أدل على ذلك من أن ركبان ضيوف الرحمن قد سارت بأخباره وتناقلت الرواة مآثره.
نشأ الشيخ محمد بن عبود العمودي في أحياء جدة القديمة ومنها انطلق نحو عالم المال والأعمال فأصبح رجل أعمال تشير إليه الدنيا بأصابع الإعجاب وتقف بورصة التجارة أمامه بكل خجل ووجل ولعل أول ما يسترعي انتباهك في سيرة هذا الرجل هو أن له مبدأ واحداً لا يحيد عنه أبداً وعليه مأخذ جاحد لا يعتد به شرعاً، فأما المبدأ الذي يسير عليه فهو: اتق شر من أحسنت إليه وأما المأخذ فهو أنه يفعل الخير لمجرد الخير دون أن يرميه بالبحر، ومن هنا يبدو أكثر وضوحاً لمحبيه وأوفر غموضاً لشانئيه فلا يمكن لك أن تتصور عملاً خيرياً في محافظة جدة دون أن يرد اسمه كأول المستجيبين لنداء الواجب وأول المتجاوبين مع مناداة الخير وهذا أمر يعرفه القاصي ولا يجهله الداني، لكن الشيء الذي قد لا يعرفه كثير من الناس هو أن الشيخ محمد بن عبود العمودي رجل يضع مشلح الأعمال ليرتدي مشلح الخير ليشرف بنفسه على مبرته الخيرية في عرفة ومزدلفة ومنى طيلة أيام الحج، حيث تحتوي تلك المبرة على أكبر مطعم في العالم، إذ يتم طبخ ألف وخمسمائة رأس من الأغنام يومياً توزع مجاناً على حجاج بيت الله الحرام وبتكلفة تقدَّر بخمسة وأربعين مليون ريال من حسابه الخاص في ثلاثة أيام من كل عام هذا في موسم الحج فقط فما بالك ببقية أيام السنة؟؟؟ وما بالك بجهوده التي لا تقف عند حد في سبيل إعتاق الرقاب وإصلاح ذات البين؟؟؟ لكنه ومع كل ذلك لا يريد لأعماله أن تُذكر ولا يريد أن يُشكر على ما يراه هو واجباً عليه ويراه غيره فضلاً منه وحباً للخير فمن كان بمنزلة الشيخ محمد بن عبود العمودي فإنه يرفض المساومة على مبادئه وقيمه ويرفض حتى مجرد التفكير في الإشادة حتى وإن كانت ناجحة لأنه يعلم أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق لكن هذا ليس مسوغاً لتجاهله مطلقاً فمن يعمل لأمته ووطنه ونفسه لا يخرق أي قانون أيتها الصحافة الموقرة ولعله من نافلة القول أن نذكر هنا أن الشيخ محمد بن عبود العمودي قد حصل مؤخراً على الدكتوراه الفخرية في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في لندن بعد أن استطاع أن ينتقل بأعماله الخيرية إلى مدينة الضباب (لندن).
باختصار شديد الشيخ الدكتور محمد بن عبود العمودي رجل يجب أن يخلد اسمه للتاريخ نظير ما قدَّم لنفسه وأمته ووطنه ولضيوف الرحمن من خدمات جليلة وأعمال مشرّفة، وأعتقد أن خير تكريم لهذا الرجل هو تسمية إحدى المدارس المستحدثة أو أحد الشوارع أو أحد الميادين في محافظة جدة باسمه، فمن لم يشكر الناس لا يشكر الله، ولا أخال قيادتنا الرشيدة إلا ممن يعرف الفضل لأهله.
alaodaib@hotmail.com