اطلعت على بيان وزارة الداخلية الموقرة المنشور في هذه الجريدة يوم الخميس التاسع من شهر محرم 1429هـ المتضمن القصاص تعزيراً لكل من (نشأت) و(إيمان) عقب قتلهما وتعذيبهما الطفلة (غصون)، ولعل المتمعن في البيان يستغرب كيف يحدث هذا في مجتمعنا السعودي، إنني أعتقد جازماً ومتأكداً بأن المجتمع السعودي مجتمع إنساني ولهذا لا نزال نرى الخير في دواخل الكثير ولا نزال نطالع بين والحين والآخر مشاهد من قلوب أفراده ونفوسهم وإن كانت قد حدثت مثل حالة المواطن (نشأت) وزوجته (إيمان) عدة مرات، فإن ذلك لا يعني أننا مجتمع فقد إنسانيته، وما تعذيب الطفلة (غصون) إلا ضمن حالات بشعة لا يقبلها العقل ولا يتمنى أي شخص أن تحدث أبداً وبتلك البشاعة المتمثلة في ذلك التعذيب حتى الموت.

لو أن كل شخص شاهد جزءا من ذلك التعذيب أو جانب منه فأنه سيبكي حرقة وسيتألم من أجل الطفلة بشدة وسيدافع عنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

لقد تألمنا جميعاً ونحن نشاهد الطفل محمد الدرة - رحمه الله - وهو يتلقى رصاص العدو الإسرائيلي ينهال عليه وفزعنا من مجالسنا وذهب النوم من جفوننا فكيف وذلك يحدث داخل مجتمعنا الآمن بتعذيب طفلة في التاسعة من عمرها تحرق بالحديد وتربط بالسلاسل أياماً وتصدم بكل عنف بالسيارة.. طفلة صغيرة تتلقى التعذيب من داخل أسرتها في بيت تتمنى أن يكون هذا البيت هو الذي يمنحها الدفء والأمان بل هو الذي يسعى لبناء مستقبلها لكن الحال انقلبت والإنسانية فقدت وخرج هذا البيت عن المألوف (اللهم احفظنا واحفظ أطفالنا ومجتمعنا من كل سوء ومكروه).