Al Jazirah NewsPaper Friday  07/03/2008 G Issue 12944
الجمعة 29 صفر 1429   العدد  12944
التويجري والنثر الغنائي
رجاء النقاش

هو أن النثر العربي الحديث قد عرف ما يمكن أن نسميه باسم (النثر الغنائي) وهو النثر الذي ينبت كالأزهار في تربة شعرية كاملة، وإن لم يتقيد بقواعد الفن الشعر الصارمة، وهذا النثر الغنائي ينطلق في التعبير عن النفس والمشاعر الإنسانية المختلفة محتفظاً بروح الشعر دون الحرص على مظاهره الخارجية، ومن بين أعلام مدرسة (النثر الغنائي) هذه تظهر أمامنا شخصية الشيخ عبدالعزيز التويجري في معظم كتاباته ومنها:

(في أثر المتنبي) و(منازل الأحلام الجميلة)، و(حتى لا يصيبنا الدوار) و(حاطب ليل ضجر) ثم في كتابه التاريخي عن الملك عبدالعزيز، فالتويجري المؤرخ بقي شاعرا وهو يستعرض أحداث التاريخ الكبيرة ويضعها في ميزان حساس من التحاليل والدقة العلمية.

الشيخ عبدالعزيز التويجري شاعر في نثره كله، وإن كان قد تحرر من مظاهر الشعر الخارجية وأبقى في كتابته على جوهر الروح الشعرية العذبة المليئة بالموسيقى الداخلية، ولست أدرى إن كان عبدالعزيز التويجري قد كتب الشعر في بداية حياته، أن أنه لم يكتب الشعر على الإطلاق ولكن الذي لا شك فيه أن كتابته لا تخرج عن هذا الفن الجميل الذي أحب أن أسميه باسم (النثر الغنائي) الذي هو شيء آخر غير النثر العادي وغير الشعر المعروف بقواعده القديمة أو الحديثة.

ومنذ الصفحات الأولى في أي كتاب للتويجري نحس على الفور بتلك النشوة التي يثيرها الفن في النفس، ونحن نحس بهذه النشوة حتى قبل أن نتعرف على الأفكار التي يعبر عنها التويجري ويعرضها أمامنا ويتناولها بالبحث والتحليل ويتخذ منها موقفا خاصا مستقلاً، ومصدر هذه النشوة التي نحس بها مع كتابات التويجري هو هذه الروح الغنائية التي تسيطر على ألفاظه وعبارته وصوره المختلفة، وهي روح غنائية سهلة منطلقة بعيدة كل البعد عن الافتعال والتصنع مما يجعلها قريبة إلى النفس، قادرة على تحريك المشاعر الإنسانية وخلق عالم كامل من المشاركة الوجدانية الصادقة بين الكلمة المكتوبة والقلب الذي يقرأها.. فلا يمكن قراءة التويجري إلا بالقلب الصافي المتفتح لجمال الفن والحياة.








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد