Al Jazirah NewsPaper Friday  07/03/2008 G Issue 12944
الجمعة 29 صفر 1429   العدد  12944
رياض الفكر
قنوات السحر والشعوذة
سلمان بن محمد العُمري

نجح الإنسان في ابتكار كثير من التقنيات الحديثة لتيسير أمور حياته والتواصل مع غيره، وتوج ذلك بما يسمى ثورة المعلومات والاتصالات، التي أصبحت بالفعل سمة تميز هذا العصر الذي نعيشه، أضحى العالم معها وبها قرية صغيرة.

وأصبح الإنسان في أي مكان على الكرة الأرضية قادراً على معرفة ما يحدث في جميع أنحاء العالم عبر شاشات القنوات الفضائية التي تزايد عددها بصورة يصعب حصرها، مع تنوع اختصاصاتها وبرامجها وتوجهاتها، ولا يخفى على أحد أن معظم هذه القنوات يعج بكم هائل من البرامج الغثة والرخيصة التي تخاطب الغرائز في النفوس البشرية وتستثيرها بصورة تخالف كل أخلاق وآداب الأديان السماوية وتجافي الفطرة الإنسانية السوية.

وتزايد خطر هذه القنوات بعد أن أصبحت ملكية كثير منها لأشخاص أو شركات تسعى للربح المادي فقط، دون النظر إلى تأثيرها المدمر وخطرها المحدق بملايين المشاهدين لها، وما أكثر النماذج على ذلك من قنوات الأغاني والمسابقات والأفلام وغيرها، بينما تطل قلة من هذه القنوات تنتصر للقيم النبيلة، وتقدم المفيد من البرامج الدينية والثقافية وحتى الترفيه المنضبط.

وفي السنوات الأخيرة، خرجت علينا عشرات القنوات المعنية بتفسير الأحلام وقراءة الكف والفنجان، بالإضافة إلى كم هائل من البرامج المماثلة في قنوات أخرى.

وبعض هذه القنوات أنشأت لها مواقع على شبكة الإنترنت لتيسير الاتصال مع عدد أكبر من المشاهدين، والمتابع لهذه القنوات يجد أن كثيراً منها يدخل في نطاق الشعوذة والدجل ويمارس أبشع صور الابتزاز والخزعبلات التي لا تستند إلى أي عقل أو مرجعية دينية أو أخلاقية.

وللأسف، فقد استطاعت هذه القنوات أن تستقطب أعداداً كبيرة من المشاهدين في الدول الإسلامية وأكثر ضحاياها من النساء، والأخطر أن بعض هذه القنوات تقدم أشخاصاً يدعون القدرة على تفسير الأحلام، وكثيراً ما يتشدقون بشعارات إسلامية، ويستشهدون بآيات قرآنية أو أحاديث نبوية في غير مواضعها، في محاولة لتقنين عمليات الابتزاز المالي التي تتم من خلال كم هائل من الاتصالات الهاتفية التي يجريها الضحايا من المشاهدين بهذه القنوات، أو صبغها بصبغة إسلامية، والإسلام بريء من هذا كله.

ومما يثير الحزن حقاً أن هذه القنوات التي هي أقرب في عملها إلى ممارسة السحر والدجل يصعب فرض أي رقابة عليها من الناحية العملية؛ لأننا نعيش بالفعل عصر الفضاء المفتوح الذي يصعب إغلاقه.

وإزاء هذا العجز الرقابي يصبح الحل الأمثل هو التوعية بمخاطر هذه القنوات، ومخالفة كثير مما تبثه لتعاليم الإسلام وأخلاقه وآدابه على أوسع نطاق، والتصدي بكل حزم لكل ما يحدث بها من تجاوزات، بدءاً من المساءلة القانونية لمن يرتكب المخالفة، وحتى فضح هذه الممارسات عبر وسائل الإعلام، مع التأكيد على مسؤولية المشاهد أو الجمهور في ذلك، وبيان مدى مخالفة من يتصل بها لتعاليم الدين التي جاءت صراحة في الحديث الشريف: (مَن أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)، وهناك من الأحاديث والآيات القرآنية الكثيرة التي تؤكد عظم الذنب الذي يقترفه من يلجأ للسحرة والمشعوذين والكهان.. حتى لو كان هذا السحر وتلك الشعوذة والكهانة تتم عبر أقمار صناعية وقنوات فضائية.

وحبذا لو أمكن إنشاء مرجعية دينية عبر مجلس وزراء الإعلام العرب أو اتحادات الإذاعة والتلفزيون في الدولة الإسلامية أو منظمة المؤتمر الإسلامي للرقابة على هذه القنوات.



alomari1420@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5891 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد