Al Jazirah NewsPaper Friday  07/03/2008 G Issue 12944
الجمعة 29 صفر 1429   العدد  12944
التحصين بالأسرة أولاً
أمل بنت محمد بن عبدالعزيز الراشد *

سلوك الفرد السليم هو انعكاس لتربيته وفكره وعقيدته؛ فإن ضل أحدها انحرف السلوك ومال عن الهدى والرشاد، وللتربية الأسرية اليد الطولى في التنشئة والتوجيه وتكوين شخصية سوية صالحة للأبناء والبنات. قال الله تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا)، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). ودور الأسرة في صلاح الأبناء والبنات يشتمل على عدة أمور:

أولاً: الاختيار الصحيح للزوجة وفق ضوابط الشرع عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك)؛ وذلك أن الزوجة هي اللبنة الأساسية من لبنات الأسرة، وإذا صلح الأساس صلح البناء؛ ولهذا قال الشاعر:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

وليس المقياس في صلاح الزوجة أن تكون متدينة فحسب، ولكن يجب أن يكون تدينها على علم صحيح ومنهج سليم؛ ولهذا فمن الدروس والعبر ما ذكره أهل التأريخ والسير عن الشاعر عمران بن حطان حيث كان في أول أمره على منهج أهل السنة والجماعة فلما تزوج بامرأة خارجية حرورية تأثر بها وانتقل بسببها - والعياذ بالله - إلى منهج الخوارج.

ثانياً: غرس العقيدة الصحيحة السليمة في نفوس الأبناء وترسيخ مبدأ الولاء والبراء في قلوبهم وفق الكتاب والسنة وعلى فهم سلف الأمة.

ثالثاً: غرس المفاهيم المهمة المأخوذة من منهج سلف الأمة في نفوس الأولاد منذ صغرهم كأهمية لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف وحرمة سفك الدماء والأنفس المعصومة.

رابعاً: ربط الأبناء بالعلماء الربانيين الراسخين في العلم الذين يبصرونهم بأمر دينهم ويبينون ما التبس عليهم فيه ويزيلون الغمة عن كل شائبة، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوه عن أصاغرهم هلكوا)، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: (إذا أقبلت الفتن عرفها العلماء وإذا أدبرت عرفها كل جاهل).

خامساً: إشباع النواحي العاطفية لدى الأبناء ومنحهم الحنان والعطف والمحبة بالقدر الذي يبحث في نفوسهم الطمأنينة والاستقرار.

سادساً: بث روح الحوار الهادئ الهادف بين الوالدين والأبناء حتى يتسنى للآباء الاطلاع على ما تكنه صدور وعقول أبنائهم؛ فيؤيدون الصحيح ويقوّمون السقيم.

سابعاً: من الأمور المهمة العظيمة لدور الأسرة مع الأبناء حسن المراقبة الواعية لهم في فترة المراهقة والشباب؛ لمعرفة ماذا يقرؤون ولمن يقرؤون ومن يخالطون ويجالسون، فقد جاء في الحديث: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). ولا شك أن مجالسة أبنائنا للشباب المتدينين أمر طيب، ولكن يجب أن يكون ذلك التدين على وفق الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة على منهج واضح سليم وهو منهج الوسطية والاعتدال؛ فهذا هو التدين المحمود. أما تدين الخوارج الذين قال عنهم - صلى الله عليه وسلم -: (تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم)؛ فهو تدين مذموم؛ لأنهم (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)؛ ولهذا بلغ بهم الغلو والتشدد حدّ تكفير المسلمين واستحلال دمائهم، والعياذ بالله.

ثامناً: الحرص على توفير متطلبات الأبناء المعيشية والمادية؛ حتى لا تدفعهم الحاجة إلى أن تتلقاهم الأيدي العابثة وذوو الأفكار المنحرفة والاعتقادات الفاسدة.

نسأل الله تعالى أن يصلح شباب وفتيات المسلمين وأن يحفظهم من فتن الشبهات والشهوات وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وإفساد المفسدين.

* أمين اللجنة النسائية بالمكتب التعاوني
للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالثمامة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد