Al Jazirah NewsPaper Friday  07/03/2008 G Issue 12944
الجمعة 29 صفر 1429   العدد  12944
ثقافة الجنادرية تستفتح بقراءة سيرة الشيخ عبدالعزيز التويجري
التركي: المعارف الواسعة اكتسبها من كثرة المطالعة والاحتكاك بالنخب الثقافية والسياسية في العالم العربي

الرياض - علي بن سعد القحطاني

استهلت الأنشطة الثقافية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (جنادرية 23) بندوة عن الشخصية الثقافية المكرمة لهذا العام معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري - رحمه الله - وذلك مساء يوم الخميس 28- 2-1429هـ الموافق 6-3- 2008م في قاعة الملك فيصل الرئيسية بفندق الإنتركونتيننتال شارك فيها كل من: معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ومعالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد والأستاذ حسن العلوي والأستاذ عرفان نظام الدين والشاعر يحيى السماوي وأدارها معالي الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري الذي أشار في بداية تقديمه للندوة إلى مكانة الراحل وإخلاصه لدينه ومليكه ووطنه وعده أحد أعمدة المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وقال إن أفكار الشيخ عبدالعزيز التويجري ورؤاه مبثوثة في كتبه بدءا من كتابه (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) بعد ذلك تحدث معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الذي استفتح ورقة عمل بمقطع من كلمات معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري - رحمه الله - يكشف لنا بها عن نشأته ومصدر اكتساب ثقافته وقال:

الذاكرة

(ما علق بذاكرتي أني من مواليد المجمعة منطقة سدير في قلب نجد، مات أبي وعمري ست سنوات، وفي أيامنا البسيطة تلك في كل شيء كان لمجتمع القرية فضائل لا يشعر معها اليتيم والصغير بإحساس مرارة اليتم.. كل القرية أهلنا؛ أسرتي تتساوى وتتآخى مع جميع أسر القرية في حب ووئام.. استلمت عملا رسميا وعمري يقارب الثامنة عشرة، ومن ذلك اليوم إلى يومي هذا وعملي متواصل في خدمة الدولة، ثقافتي اكتسبتها من تجربتي في الحياة وبما تيسر لي قراءته من كتب.. جيبي خال من الشهادات، فالحياة معلم، والناس معلم، والتاريخ وأحداثه معلم، على العموم لم يكن معلم واحد، لم أدخل مدرسة سوى الكتاب).

بهذه الكلمات يخط معالي الشيخ عبدالعزيز التويجري رحمه الله سطورا موجزة يكشف لنا بها عن نشأته ومصدر اكتساب ثقافته، في أشهر كتبه (لسراة الليل هتف الصباح) الذي سجل فيه وفي صنوه (عند الصباح حمد القوم السرى) مشاهد من أخبار الملك عبدالعزيز رحمه الله وروائع أيامه، مبديا في التعليق عليها إعجابه بثقابة نظره وعبقريته في السياسة وتدبير شؤون الملك الفتية يومئذ.

ولا ريب أن دراسة سيرة شخصية متميزة من الشخصيات، واستكشاف المواهب وجوانب النبوغ فيها، تنطلق من البيئة التي نشأ فيها، فإنها المدرسة العامة التي يتلقى فيها الإنسان دروسا عملية في مادة الحياة، وقواعد التعامل مع الناس.

والمعلمون في هذه المدرسة هم أفراد المجتمع الذين يتصل بهم الشخص ويتأثر بأقوالهم وأفعالهم، ابتداء من أصغر دائرة تحيط به، دائرة أسرته التي تضم في زمرتها عادة الأب والأم ومن يكبره من الإخوة والأخوات. وكذلك كانت البيئة التي نشأ فيها معالي الشيخ عبدالعزيز، مدرسة متميزة بنقائها الفطري وصفائها الفكري وتماسكها الاجتماعي.

فالتربة خصبة لنمو الفضائل ومحاسن الشيم، وترعرع خصال الشهامة والكرامة في الرجال: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} (58) سورة الأعراف.

ففي هذه المدرسة تخرج هذا الرجل الذي خدم دولته وبلاده زهاء ثمانية عقود بتفان وإخلاص، من عهد التأسيس إلى عهد الازدهار الشامل الذي تكامل فيه البناء في مختلف المجالات الحيوية التي تسير عليها الدولة بصورتها وآلياتها المتطورة.

ولا يخفى أن مرحلة التأسيس كانت شاقة في متطلباتها مع قلة الوسائل وبساطتها، فاقتضت من الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ومن معه من الرجال المخلصين من أبنائهم وغيرهم، جهدا مضنيا وتضحيات جسيمة، في جمع شمل الجزيرة تحت راية واحدة أولا، ثم في وضع أسس الدولة وتوطيد أركانها ودعائمها ثانيا.

الإدارة

وكان التويجري أحد الرجال الذين أسهموا في ذلك بجهودهم الإدارية والميدانية، وقد حظي لدى ولاة الأمر بالثقة والتقدير المتميزين، فتولى أعمالا إدارية عالية، وأسهم في العديد من المجالات المهمة في الدولة.

ولحكمة بالغة قص الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه العزيز مما قص في سيرة نبيه الكريم يوسف عليه السلام، أنه لما أخذ وهو غلام من بلده في بادية سيناء إلى مصر، فبيع فيها وامتحن بامرأة العزيز، ثم ظهرت لدى الملك براءته وعفته مع النباهة وسداد الرأي، استخلصه لنفسه وقال: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (54-55) سورة يوسف.

فعلل طلبه للولاية بوصفين: أحدهما الحفظ الذي يعني الكفاية في الأداء والأمانة فيما يقع تحت مسؤوليته، والثاني العلم الذي يعني المعرفة بما يتولاه والخبرة فيه.

وقص سبحانه وتعالى علينا أيضا فيما قص من سيرة نبيه موسى عليه السلام، حين هاجر إلى مدين، وأبدى في سقيه لابنتي شعيب عليه السلام، من الخصال الكريمة ما حمل إحداهما على أن تشير على أبيها بقولها: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (26) سورة القصص.

فوصفته بالقوة والأمانة، وهما وصفان يجمعنا الخصال المؤهلة لقيام الشخص بما يسند إليه من المسؤوليات والأعمال العامة بكفاية واقتدار، فالقوة تشمل القدرات البدنية والعقلية، والأمانة تشمل حسن السيرة والإخلاص في العمل.

الاستشارة

لقد كان الشيخ التويجري رحمه الله يقوم بأعماله الإدارية والاستشارية بكفاية وأمانة مع مرونة وحكمة وفن في التعامل مع الناس، فقد كان وثيق الصلة مع مختلف شرائح المجتمع، يجالسهم ويسامرهم، ويتفقد القريب ذا الرحم والصديق ذا الود، والوجيه ذا الشأن، ويعرف لكل واحد حقه ومنزلته، حريصا على أداء الحقوق الاجتماعية من زيارة المرضى وصلة الرحم، والتهاني والتعازي في المناسبات من الأعياد والأفراح والأتراح. وأكسبته هذه الصلة معرفة بالناس وخبرة بأمورهم ومستوياتهم الثقافية، وبعادات أهل البوادي والهجر، وظهرت ثمار هذه المعرفة في إسهامه في تطوير الحرس الوطني.

الجانب الاجتماعي

وتحدث معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد من خلال ورقته عن (الجانب الاجتماعي في حياة معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبد المحسن التويجري) وقال: يصعب الحديث عن صاحب المعالي، صاحب الهامة الشامخة، والقامة العالية، والمكانة الاجتماعية المرموقة.. الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري. ومصدر الصعوبة يكمن في رحاب جوانب مكارمه وعطاءاته.. وعدم القدرة على الإحاطة حتى بجانب واحد من جوانب تميزه.. رحمه الله رحمة واسعة.

لقد قصدت أن أقول الأستاذ؛ لأنه بحق أستاذ، تعلم منه كل من عمل معه، أو رافقه، أو التقى به حتى لو مرة واحدة - فسجاياه لا تخفى على أحد، ولا يصعب على أي إنسان أن يلمسها فور رؤيته له.. من حديثه.. من طيب لقائه.. من سعة أفقه.. وتعدد مواهبه.. وحكمته، وحسن خلقه..

***

وبالنسبة لي: فقد امتزجت سماته الكريمة النبيلة بكل ذرات كياني، عقلا وروحا، فكرا ووجدانا.. عملا وخبرة.. إنه أول من عرفت من كرام الرجال وكبارهم مقاما.. منذ وعيي بأمور الحياة، وطبائع الرجال.. إذا كان لي والدا، وأستاذا في مدرسة الحياة..

كان والدي صديقا حميما لأخيه الأكبر الشيخ حمد بن عبدالمحسن التويجري - رحمهم الله جميعا - وقد امتدت صداقة والدي إلى أخيه أستاذنا عبدالعزيز، مما أدى إلى القرب منه منذ صغري، ومخالطتي له، ومما عمق ذلك تجاورنا سكنا.. وقد استمرت هذه العلاقة الوثيقة به حتى لقي ربه راضيا مرضيا..

لقد كانت له من الأيادي الكريمة والأعمال العظيمة، والفضائل البارزة.. ما ملأ الحياة، وشهد له بها الجميع.. كل ذلك جاء ثمرة نشأته في أسرة كريمة، وتربيته تربية سليمة، بجانب ما فطر عليه من مكارم، وما خصه الله به من مواهب.

***

ولأن حديثي يتناول الجانب الاجتماعي من حياة الفقيد فإنه يطيب لي أن أقول:

أولاً: إن أسرة التويجري أسرة عريقة متأصلة، ذات حسب ونسب، وكريم أصل وعظيم محتد.. تلك الأسرة التي ذكر بعض علماء الأنساب أنها أكبر الأسر في الجزيرة العربية، وأنها تمتد بجذورها وفروعها إلى مصر وإلى الهلال الخصيب، في ربوع الشام والعراق، بل إن أحد الإخوة الليبيين قال لي يوما: إن أسرتي تنتمي إلى أسرة التويجري، وتحمل الاسم الشهير نفسه حتى الآن.

وهنا في المملكة العربية السعودية فبجانب كثرتهم في المجمعة يعيش معظم أبناء هذه الأسرة العريقة في منطقة القصيم - لكن أستاذنا - رحمه الله - كان في حياته عميدا للأسرة كلها، سواء من قطن منها في المجمعة، أو القصيم، أو غيرها من واسع أرجاء المملكة وخارجها.

ثانياً: لقد ولد أستاذنا في عام 1366هـ حسب ما نقل لي أحد رجالنا من آل التويجري، وهو (الشيخ حمد بن ناصر التويجري) - رحمه الله -.

***

براعته في التعامل

وأشار معالي الدكتور محمد الرشيد إلى براعة الشيخ عبدالعزيز التويجري في فن التعامل الكريم مع الناس وقال: أما براعته في فن التعامل الكريم مع الناس فالحديث عنها طويل - لكني أقرر أن قدرته الفائقة في هذا الجانب قل أن يوجد مثلها.. فهو قريب من ذوي الشأن وأولي الأمر في بلادنا.. لا يتوانى عن زيارتهم، ودعواتهم، والحديث معهم، وإبداء النصح لهم فيما يتطلب النصح.. له معرفة واسعة بكل الأسر، فهو يحيط علما بالقبائل وشيوخها، ومواقفهم الوطنية ويقدرها، ويتحدث عنها، يعرف أقدار الناس وتاريخ آبائهم وأجدادهم، ليست له خصومات مع أحد.. حتى من هم في نفور منه، أو ابتعاد عن التعامل معه.. أو من اتخذوا مواقف سلبية حياله..

وللاستدلال على عدم ركونه إلى الخصومات ذلك الموقف الذي وقفه بعد تسلمه منصبه في المجمعة رئيسا لبيت المال.. فقد تعامل مع جميع الأسر تعاملا متساويا، معطيا لكل ما يستحقه.. بل إنه كان يزور بعض الأسر ويرتبط بصداقات مع رجالها، وإن كانت هذه الأسر في شقاق سابق مع أسرته مما جعل أسرته وأصدقاءها يرفضون ذلك منه، حتى أنهم - في بداية عمله - أرسلوا لأخيه حمد أن يجيء ليرى ماذا يفعل أخوه.. وقد اجتمعوا لذلك في بيت أحدهم حين حضر حمد من (بريدة) لاتخاذ موقف حيال ما يفعله عبدالعزيز مع الأسر الأخرى التي بينها وبينهم جفوة وتنافس، وحين تحدثوا في تلك الجلسة قائلين: يا حمد، إن أخاك عبدالعزيز خرج عن الطوق، وقرب البعيدين والخصوم، وصار يتبادل الزيارات معهم.. ونحن نأبى ذلك منه.. فطلب أخوه حمد منه أن يجيب عن ذلك: فقال قولته التي سمعتها من بعض شيوخنا الذين حضروا الجلسة، ومنهم والدي - رحمهم الله جميعا - قال عبدالعزيز: (هل تريدون أن أرث خصومة كانت في ماضي الزمن لأسباب لا وجود لها الآن، ومع أناس توفاهم الله، هؤلاء الذين أخالطهم الآن هم أبناء بلدتي، ولم أر منهم إلا الخير، ولا سبيل لنا للإعلاء من شأن بلدتنا إلا بتعاوننا.. وتآخينا.. اسمحوا لي يا إخواني: إني أبادلكم حبا بحب، وتقديرا بتقدير.. لكني لا أوافقكم على أن أرث خصومة لا ناقة لي فيها ولا جمل.. ولا لمن أصاحبهم).. إنه موقف ثابت.. شجاع عند الحق، وجرأة في توكيد المواقف الاجتماعية الرفيعة لا مثيل لها.

ثقافته ونمط حياته

وأفاض معالي الدكتور محمد الرشيد الحديث عن قدرات الراحل الثقافية ومكانته بين المثقفين، ورأى أن الشيخ عبد العزيز التويجري - رحمه الله - سابق لزمانه ثقافة وتعاملاً ومع أنه لم يتلق أي تعليم نظامي إلا أنه فاق من كانوا متعلمين بفضل ما حباه الله به من استعداد فطري وموهبة فذة ساعده، كل ذلك على سرعة وسعة تعلمه الشخصي وثقافته الذاتية وختم معالي الدكتور الشريد ورقته بالحديث عن نمط حياته الشخصية المكرمة وقال:

نمط حياته فقد كان نمطاً غاية في البساطة، والتنظيم، والدقة فهو بعد أدائه لصلاة الفجر يقرأ ما يسمح به وقته، وقد يستقبل قبل توجهه مبكراً كعادته للعمل بعضاً من زواره الذين كم كنت واحداً منهم مرات عديدة بناء على موعد سابق منه، وعند وصوله إلى مكتبه تبدأ حركة الحياة والعمل، ومما اختص أستاذنا به أنه كثيراً ما ينفرد بصاحب أمر بعيداً عن كثرة الحضور، إذ يمسك بيده متجولاً في دهاليز المبنى، حفاظاً على السرية والخصوصية بينهما.

ويتكرر ذلك في جلسته حيث يلتقي بالناس على اختلاف مشاربهم عصر كل يوم في منزله - بعد أن يفرغ من لقاء أسرته - مرحباً بهم.. مناقشاً معهم قضاياهم حتى صلاة المغرب جماعة ثم بعد صلاة العشاء يستقبل مدعويه إذا ما كانت هناك دعوة.. وعادة ما يكون العشاء مبكراً إذ يتفرغ بعده لمتابعة الأخبار الوطنية والعالمية.. وما يستجد من أمور.. مع متابعة لبعض ما هو هادف من البرامج التلفزيونية.

ولا يمضي يوم واحد في حضره أو سفره دون أن يقتطع من وقته جزءاً للإملاء على كاتبه - الملازم له دائماً - أفكاره وخواطره التي زخرت بها مؤلفاته وكذا رسائله العديدة إلى الآخرين الحافلة بالمعاني العالية، والمشاعر النبيلة.

ومن عجيب قدراته أنه يخاطب كل فرد بما يتفق وعقله، وطبيعته وثقافته فهو مع رجال القبائل واحد منهم.. حديثاً، وتفاهماً، وبيئة ومع المثقفين عامة.. عقل متسع للعلم والثقافة مثلهم. وهو مع عامة القاصدين بسيط في تحاوره قريب إليهم في تعامله معهم.

أما مع المشايخ والفقهاء فهو مجل لهم، مقدر لآرائهم..

ولقد كان مضيافاً للجميع - فلم تخل موائده المستمرة من مختلف الناس عامة - ومن زوار المملكة من ذوي العمل الرسمي من الدول العربية والأجنبية خاصة.

أما عن موائده للإفطار في شهر رمضان المبارك فحدث ولا حرج.. إذ كثيراً ما يتجاوز عدد المفطرين على مائدته العامرة ثلاثمئة مسلم.

إن فرط كرمه كان سجية وطبعاً منذ الصغر حتى إن الديون بسبب جوده قد أثقلت كاهله في بدء حياته العملية حين كان في المجمعة.

ولقد منح الله أستاذنا بركة في وقته فهو دائب الزيارة للمرضى في المستشفيات أو في بيوتهم والقيام بالواجب اللازم معهم يواسي أهل المتوفى ويشاركهم تشييع جنائز موتاهم.

وشيء عظيم يشدني إليه في تجاورنا في المسجد الجامع عند صلاة الجمعة، ذلك هو توقفه كثيراً عند بعض آيات القرآن الكريم باحثاً في دلالتها مناقشاً لي في معانيها وإعجاز لفظها.. مستنبطاً ما وراءها من بلاغة قرآنية معجزة.

ومما هو عجيب فيه أنه عند إهدائه كتاباً جديداً له إلى أحد أصدقائه أو معارفه.. فإنه لم يكن إهداء كما تعودنا.. بل كان يطرز الكتاب بما هو لائق بمن يهدى إليه.. موافق لفكره.. متفق مع قدره ومكانته.. حتى كأن الإهداء رسالة شخصية متعددة الأفكار والإفصاح عن علاقته الحقيقية بمن يهديه إليه، كل على قدر مكانته عنده.

وفي هذا المقام تبهرني قدرته على سبر أغوار الناس، ومعرفة قدراتهم، وإنزال كل منهم منزلته التي يستحقها.

ورحم الله أستاذنا وأثابه أجراً عما كابد من أمراض كثيرة.. كانت ذات خطورة أحياناً، لكن الله نجاه وحفظه ليتابع عطاءاته ويستمر في كتاباته.

وكمثل كل من هو ناجح في الحياة قريب إلى قلوب الناس، فإنه قد عانى الكثير مما يفوق الأمراض الجسدية.. حسداً وحقداً.. وكيداً، وافتراء، وظلماً من بعض ذوي النفوس الشريرة والضمائر الميتة.

قال - رحمه الله - في رسالة بعثها إلي يوماً: (لي في الخدمة الآن يا محمد ثلاثة وستون عاماً - ليتني استرحت يوماً واحداً من الحسد - وقبلي قال أبو الطيب المتنبي لسيده:

أزل حسد الحساد عني بكبتهم

فأنت الذي صيرتهم لي حسدا

ومع كل هذه المعاناة والمواقف الحاسدة فإنه لم يقابل أياً منها بمثله، بل كان خالص الشعور نقي السريرة، لا يحمل في قلبه حقداً لأحد، ولا حسداً لآخر بل استطاع بإحسانه إلى حاسديه أن يغيروا مواقفهم ويلوموا أنفسهم.

الموضوعية:

حاول الأستاذ عرفان نظام الدين أن يكون موضوعياً في ورقة عمله عن الشخصية الراحلة وقال: تعرفت على معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري منذ أكثر من ثلاثين سنة واقتربت من إبداعه من خلاله موهبته وكتابته وتحدث عرفان نظام الدين عن سيرة الشيخ ومسيرته الثقافية، وأشار الدكتور حسن العلوي في كلمته عن الشيخ التويجري إلى أن الشيخ عبد العزيز التويجري ذو شخصية عظيمة ولم يكتب بعد عن جوانب سيرته إلا 20% فقط.

وبين الدكتور العلوي أنه جمع كتاباً عن الراحل وأراد أن ينشرها إلا أن الشيخ عبد العزيز التويجري رفض ذلك وقال: لا تنشرها إلا عقب وفاتي.

مداخلات:

- أشاد الدكتور أحمد عمر هاشم بثقافة معالي الشيخ عبد العزيز التويجري، وذلك من خلال معايشته عن كتب الراحل.

- هناك أطروحة علمية تتناول سيرة الشيخ عبد العزيز التويجري وآثاره الأدبية يشرف عليها الدكتور محمد بن سعد بن حسين بكلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.






























 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد