Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/03/2008 G Issue 12945
السبت 30 صفر 1429   العدد  12945
المنشود
يا سلام عليك!!
رقية سليمان الهويريني

ينزع البعض إلى الكمال في تصرفاته مع الآخرين، ويسعى طيلة عمره للحصول على رضاء الناس، ويحرص على تلبية رغباتهم التي لا تقف عند حد.

تجده لا يستطيع قط أن يقول ببساطة (لا، ليس كذلك!) في أمر قد يكون مصيرياً؛ لأنه يحرص أن يقول عنه الناس (يا سلام عليك، ما فيه مثلك أحد بالشهامة والمروءة والسماحة والعطاء)! وليجرب أن يطلب منهم خدمة لتنقلب مشاعرهم محملة بالسخرية والاستخفاف! تراه يبدو حنوناً ولطيفاً وبشوشاً مع الناس، على غير طبيعته؛ ما يجعله أسيراً لهم وغير راض عن نفسه، بل إنه يشعر بالتوتر والقلق من كل ما يصدر منه من تصرفات هي أقرب للانهزامية والخضوع حين يجد أنه يقوم بالتزامات أكبر من طاقته الفعلية ومقدرته الجسدية أو النفسية فيقع في تناقض بين ما يريده وما يمارسه فعلاً، أي بين شعوره بالأنانية وعقدة الذنب ?حين لا يستجيب للمطالب, وحين يستجيب يستنزف طاقته.

إنَّ عدم الوضوح والتردد بإبداء الرأي أمام الناس يعد بلا شك انهزامية وضعفاً، حين يتفادى المرء إثارة غضب مَن حوله بدعوى تجنب إيذاء مشاعرهم وتحاشي إحراجهم حتى لو كانوا على غير صواب!!

وإنَّ عدم الإفصاح عن الرغبة في قول الحقيقة أو إبداء وجهة النظر مجاملة للآخرين يُشعر المرء بالضعف والخذلان، كما أن الكف عن التعبير عن الغضب والحزن بكبتهما أو تأجيلهما لأن الوقت غير ملائم، لهو أمر في غاية البؤس، ويؤدي بالمرء لمرض نفسي لا يستطيع الفكاك منه بسبب ممارسته القمع الذاتي.

وحين يجعل المرء نفسه محطة إسعاف لكل مَن يطلبه بزعمه أن ذلك من المروءة، فهو في الواقع بعيد عن التروي قريب من الاندفاع؛ لأن الناس قد يستمرئون (الفزعة) ويستغلونها أسوأ استغلال، وتصبح هي المطية التي يركبونها لقضاء مطالبهم.

والحياة أخذ وعطاء، ومن اعتاد العطاء دون أخذ فسيجد نفسه مستغفلاً وحسيراً. ولا بد أن ندرك أن التعامل مع الآخرين ببساطة وصدق وتلقائية سياجها التهذيب والأدب هو الطريق لكسب قلوب الناس، والصراحة المغلفة باللطف بدون تحامل أو صفاقة هي السبيل للاستحواذ على إعجاب الناس وليس بالضرورة تصفيقهم.

واليقين بأن الكمال ونَيل رضا الناس لن يتم إدراكه قط، وليس هو غاية كما كنا نتوقع بل هو سراب؛ لأن تقبل النقص البشري هو الكمال في العقل، المفضي لمعذرة البشر والرحمة بهم وتجاوز زلاتهم.

ويجدر بالمرء أن يكون صاحب موقف في إبداء مشاعره بوضوح دون تزييف؛ لأن هذا الزيف ما هو إلا قناع شفاف سيسقط في لحظة قوة أو ضعف!

rogaia143@hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342






لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد