Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/03/2008 G Issue 12952
السبت 07 ربيع الأول 1429   العدد  12952
لما هو آت
الذهاب إليه قبل الذهاب
د. خيرية إبراهيم السقاف

تسترجع (سيرة المصطفى) صلى الله عليه وسلم في رسائل صامتة ناطقة حين يكون أول ما تفتح عينيك عليه صباحاً هو طرقها الهادئ في هاتفك ينزعك من غفلة نومك أو وهدة استرخائك...حتى إذا ما جئت تأوي إليهما كانت سيرته العظيمة آخر ما تكتحل به عيناك...

ومنها تتذكر ذلك الصبي في مشارف عقده الثاني وهو يلتحف غطاء الرسول العظيم لينام في فراشه لا للتدليل أو مزيد عناية بجسد طفل يأكل في النهار من أصابع حرير أو يشرب من إناء رفاه... ويهدر طيلة يومه في مراتع اللهو تتكدس الألعاب حيث يقلب وجهته أو يضع قدميه أو يمد يديه... بل ينام هذا الصبي وهو لا يدري أتكتب له النجاة في نومته هذه أو يهلك كأول شهيد في الإسلام ...صبي يقوم على أداء دوره لرسالة نبي بعث عليه الصلاة والسلام ليكون آخر المرسلين والأنبياء المصطفين... فيتعلم منه ويتشبع عنه...

وتذهب بك المقارنة بين هذا الصبي الذي يربى في محضن النبي صلى الله عليه وسلم وبين هؤلاء الصبية الذين يربون على فرش وثيرة أو فقيرة لكن نفوسهم لا تربى على هجرة الدنيا للآخرة ولا يدربون على مسالكها أو يتعرفون منافذها وبالتالي فإنهم ثابتون في مراكب يضخ فيها وقود الحياة الدنيا وتتجه نحو مرافئها ودورها وملاهيها... بريئة في غير وعي أو قصدية في كامل معرفة... صغار تتنازعهم تقلبات ما حولهم ... حتى إن وجد من يجاهد فيهم فإنه يجاهد في بحر لجي وريح عتية...

طَّرقات نورانية كالتي تحتل عيني سطورها هذا الصباح أحسب أن كاتبها القدير قد جعلها ضمن برنامج تعليمي درساً يندرج تحته كل محور تبتدئ به رسالة الوقت وتنتهي إليه دعوة الاستجابة... وبينهما أمل كبير في الله تعالى أن يهيأ النفوس للذهاب نحو منطلقات النجاة... ويعين أولئك المبحرين في مكابدة موجات الدنيا...

طرق نوراني تقول حروفه: كل الناس يذهبون إلى ربهم عند انقضاء آجالهم وخيرهم من يذهب لربه في حياته قبل موته... يطلب هدايته وصلاحه كما قال الله تعالى على لسان خليله إبراهيم عليه السلام :{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}...

وتعقد المقارنة بين ما يأتيك عن روافد سير خير من وطئوا الأرض وهم في ذهاب روحي يعدون له أجسامهم نحو من خلقهم وهو من يحييهم وهو من يميتهم... ويعملون وهم يسألون الحفظ في الحياة والنجاة من بعدها... وقد كانوا أقرب إلى الله منا... لكنهم أوقفوا حياتهم استعدادا للذهاب إليه... لأنهم أعرف به وأكثر خشية...

****

هذه الطرقات النورانية حين تطرقك كل يوم فإنما هي لتفتح لها نفسك كلها وليستوعبها وعيك بأكمله...

ولتكون لك البوصلة...

فلا يزال لله من يعمل للذهاب إليه قبل الذهاب...

عملا في النفس وفي التلميذ وفي الأبناء...

وفيمن يسيرة إليه السبل أو طويلة...

تلك رسالة محمد بن عبدالله عليه وعلى آل بيته وصحابته الصلاة والسلام ورحمة الله وبركاته...

فاللهم اجعلنا منهم...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد