Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/03/2008 G Issue 12953
الأحد 08 ربيع الأول 1429   العدد  12953
صحتك من جهازك الهضمي
يعد من أهم وأكبر الأجهزة في جسم الإنسان

الجهاز الهضمي من أهم وأكبر الأجهزة في جسم الإنسان ويكفي أنه يتعامل مع كل ما يتناوله الإنسان من أطعمة وأدوية ومشروبات مختلفة ذات خواص مناعية متعددة. ويستطيع هذا الجهاز بما حباه الله من خلايا ذات ذاكرة قوية أن يتعرف على هذه الأجسام الغريبة فيستفيد من النافع منها ويفيد بها باقي الجسم ويتجنب أو يطرد أو يتخلص من الضار منها فيقي الجسم من شرورها. وقد زوده المولى عز وجل بثلاث أجهزة مساعدة غاية في الدقة والروعة وهي جهاز عصبي خاص به وهو جهاز كبير جداً متشابك مع بعضه ومع الجهاز العصبي الخاص بباقي الجسم ويسمى مخ الجهاز الهضمي، وثانيها جهاز مناعي أكثر روعة من خلايا مناعية مختلفة وأجسام مناعية تعمل مثل أكبر جيوسن العالم لمواجهة الكم الهائل من الميكروبات التي يتعرض لها الإنسان في كل ثانية فيحمى الجسم من أضرارها. وثالثهم الخلايا الصماء مثل الغدد الصماء التي تفرز العديد من الهرمونات والمواد الكيميائية التي تقوم بتنظيم وضبط ايقاع هذا الجهاز بل والتناغم مع باقي الأجهزة بالجسم بالتعاون مع الجهازين السابقين في عمل تناغمي سيمفوني أبدعه الخالق عز وجل. وما زال العلماء يكتشفون المزيد والمزيد ثم يأتي ابداع ثانٍ في هذا الجهاز وهو قدرة خلاياه على التكاثر السريع لدرجة أن عمر خلاياه السطحية يتراوح بين 3-7 أيام وتستبدل بخلايا شابة جديدة كلها نشاط وحيوية في حالة الصحة. وفي حالة المرض تكون المدة أقل ليعيد بناء نفسه بسرعة فإذا ما حدث -أعاذكم الله- أي خلل في هذه الأجهزة نتج عنه الكثير من الأمراض سواء الوظيفية والحركية أو العضوية التي قد تؤثر أيضاً في باقي أجهزة الجسم فتؤدي على سبيل المثال الى التهاب المفاصل أو العينين أو الحساسية الجلدية أو الصدرية.....الخ. مما يدل على التشابك الكبير بين جميع أجهزة الجسم.

الوسائل التشخيصية

لأمراض الجهاز الهضمي

منذ العصور الأولى لحياة الإنسان يحاول الأطباء والعلماء جاهدين اكتشاف أمراض هذا الجهاز. وهنا أذكر أحد الفراعنة القدامى عندما كان يستعمل ماسورة من نبات الغاب لتنظير المستقيم للكشف عن أمراضه وذلك منذ آلاف السنين قبل الميلاد، (كما عثر على هذه الصورة منقوشة على جدران الآثار الفرعونية القديمة) ومع السنين تطور الأمر الى الدقيق من الفحوص بدءاً من الأشعة السينية العادية والملونة مروراً باستخدام الموجات الصوتية والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي والنظائر المشعة الى استخدام أحدث المناظير الضوئية التي قد يستخدم معها التصوير بالموجات الصوتية أحياناً لفحص القناة الهضمية من أعلى أو من أسفل أو حتى القنوات المرارية. أضف الى ذلك التحاليل المختلفة للبراز والدم واستخدام بعض المواد الكيميائية والغذائية للكشف عن أمراض هذا الجهاز وأيضاً أخذ عينات من أجزائه لفحصها مجهرياً أو معملياً، وما زال التطور مستمراً.

تطور الوسائل العلاجية

لعلاج بعض أمراضه

في الوقت نفسه تطورت الوسائل المستخدمة لعلاج أمراض هذا الجهاز وبالأخص باستعمال المناظير لأنها الوسيلة الأفضل للتعامل معه من حيث سهولة الوصول الى جزء كبير من هذا الجهاز سواء من الفم أو من الشرج والمستقيم ثم القولون. ولحسن الحظ فإن معظم أمراض الجهاز الهضمي تصيب الأجزاء التي يمكن الوصول إليها عن طريق هذه الأجهزة... وبالتالي يتمكن الأطباء من التعامل معها، على سبيل المثال استئصال الزوائد وايقاف النزيف وتوسيع الضيق الناتج عن الأمراض المختلفة وتركيب الدعامات وإزالة الأورام المبكرة والحصوات من القناة المرارية. وأصبح بالتالي اللجوء الى الجراحة يحدث فقط في حالات أقل. وأمكن تجنب الجراحة في كثير من هذه المواقف التي غالباً ما يكون المريض في حالة لا تسمح بإجراء جراحة دون متاعب.

كما تطورت أيضاً أجهزة فحص حركية وحامضية الجهاز الهضمي مما يساعد الأطباء على تشخيص وعلاج الأمراض المختلفة لهذا الجهاز، أضف الى ذلك استخدام الكبسولة التنظيرية التي يبلعها المريض ثم تقوم بتصوير الجهاز الهضمي من الداخل من الفم حتى الشرج.

الأمراض التي

تصيب الجهاز الهضمي

الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي عديدة ولا يمكن حصرها... فهناك أمراض وظيفية لا يوجد معها خلل في نسيج الجهاز الهضمي (المقصود هنا خلل واضح ومرئي)، وهناك أمراض عضوية مثل الالتهابات والأورام والجلطات والدوالي والتقرحات والأمراض الميكروبية. هذا مجملاً، ولكن يكفي أن نعلم أن الجهاز العصبي للجهاز الهضمي قد يصاب بمعظم أمراض الجهاز العصبي المعروف وكذلك الجهاز المناعي... إذاً فالموضوع لا يمكن إحصاؤه، وسوف نتحدث عن أهم أو أكثر هذه الأمراض شيوعاً لتبسيط الأمور، أما تفاصيل باقي الأمراض فهي دقيقة جداً ويمكن مناقشتها مع كل حالة على حدة.

النصائح العامة للحفاظ

على الجهاز الهضمي

طبعاً هناك نصائح لكل مريض على حدة، ولكن هناك العديد من السلوكيات البسيطة والنصائح العامة التي يجب اتباعها للحفاظ على سلامة هذا الجهاز مع سلامة باقي الجسم مثل:

1- الطعام: يجب أن لا يتناول الإنسان طعاماً إلا إذا كان متاكداً من سلامته من حيث التركيب الغذائي وأنواع الإضافات وتاريخ الصلاحية ومصدره. أضف الى ذلك نظافة وغسل الأطعمة الطازجة ونظافة الأطباق والأواني وغسلها مباشرة قبل استخدامها والمحافظة عليها مغطاة كما أوصانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم اختيار الأكل بطريقة سليمة وأن يكون أكلاً متوازناً يشمل جميع العناصر الضرورية لجسم الإنسان بالنسب المعروفة عالمياً وطبياً. كما ينصح بالانتظام في مواعيد الوجبات قدر الإمكان واستخدام كميات محددة حسب نشاط الإنسان وعمره ووزنه واحتياجاته.... وكما في الحديث الشريف فثلث للطعام....

ثم تأتي ذكر الله وحمده وشكره على هذه النعم التي رُزقناها وأطعمناها من غير حول ولا قوة منا.... فالأمور كلها بقدرة الله عز وجل وكل دابة في الأرض مسيرة بأمر الله. وذكر الله على نعمه واجب على كل إنسان وبه يقي نفسه من شرور هذه النعم. ولا يجب تناول الطعام بسرعة أو ببطء شديد والجلوس أمام التلفاز حتى لا يفرط الإنسان في تناول الطعام دون أن يشعر، كما يستحب الأكل مع الأهل ومداعبتهم بتناولهم الطعام في فيهم حتى نحصل على الأجر كما في الحديث... فهذا له مردود نفسي وعائلي واجتماعي عظيم جداً، كما يجب للحفاظ على سلامة الجهاز الهضمي تناول كمية جيدة من الخضروات الطبيعية التي تحتوي على الألياف بنسبة عالية بالإضافة الى الفيتامينات والعناصر المعدنية الأخرى وذلك لأهمية الألياف في الإخراج وحماية القولون من الشحوم المتراكمة به. وفي آخر هذا السياق يجب من خلال تناول الطعام أن يحافظ الإنسان على صحته ووزنه في الحدود المثالية ولا يكون الطعام سبباً في ارتفاع بعض المواد مثل الكوليسترول وحمض البوليك والسكر بالشكل الضار، ولا يكون سبباً في نقص بعض العناصر الغذائية كالحديد والفيتامينات والكالسيوم مما يسبب ضرراً بالغاً في الجسم. وهنا تجدر الإشارة الى بعض المعتقدات في بعض الحالات... فمثلاً نجد مرضى الكبد يتجنبون أكل الدهون أو اللحوم بشكل قد يؤدي الى نقص شديد ووهن كبير بجسم الإنسان بالإضافة الى ضرر بالغ بالكبد نفسه... هنا يجب الاعتدال وأخذ رأي استشاري متخصص في هذه الأمراض.

2- الرياضة: هامة جداً لأجهزة الجسم عامة كما هي للجهاز الهضمي حيث تجعل حركيته منتظمة وتهدئ من توتره، كما يجب أن لا تمارس الرياضة مباشرة بعد الأكل حيث يحتاج الأكل إلى جزء من الدورة الدموية للمساعدة على هضم وامتصاص الطعام.

3- الانتظام في الإخراج قدر الإمكان وعدم تأجيل ذلك عند الضرورة والحاجة ومحاولة أن يكون ذلك بعد تناول الطعام لسهولة الإخراج في هذا الوقت.

4- عدم تناول أدوية ضارة بالجهاز الهضمي أو أدوية خاصة بالجهاز الهضمي إلا تحت إشراف المختصين.

5- البعد عن التدخين والمنبهات بكثرة.

6- في المرضى الذين يعانون من أمراض عامة بالجسم أو أمراض خاصة بالجهاز الهضمي عليهم مراجعة الطبيب وأخذ النصائح الخاصة بهم واتباع إرشاداتهم بعناية ودقة للحفاظ على صحتهم، فمثلاً يتجنب القمح ومشتقاته من المرضى المصابون بحساسية الجلوتين (Coeliacd) وذلك يؤدي الى شفائهم تماماً.

7- يجب معرفة التركيب الغذائي لكل طعام يتناوله الإنسان بالإضافة الى كمية السعرات الحرارية التي يحتويها لنتمكن من الحصول على احتياجات الجسم دون زيادة أو نقصان.

د. محمد شريف
استشاري الأمراض الباطنية ومناظير الجهاز الهضمي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد