Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/03/2008 G Issue 12956
الاربعاء 11 ربيع الأول 1429   العدد  12956
يارا
عبد الله بن بخيت

زرت معرض الكتاب مرةً واحدةً لم أكررها. كانت الزيارة بصحبة زوجتي.. أقول بصحبة زوجتي ليس لأني أنجزت عملاً خارقاً. أنا وزوجتي كثيراً ما نذهب للسوق مع بعضنا البعض. لا أعرف حتى الآن ما الفرق بين دخول معرض الكتاب بصحبة زوجتي ودخول أي سوق من الأسواق العامة. لكن وبصراحة إذا لم يكن هذا إنجازاً لي فهو إنجاز عظيم لمنظمي معرض الكتاب، وتسامحٌ تاريخي من الهيئة، مع الإشارة إلى أن هذا الإنجاز التاريخي والتسامح العظيم هو خطوة صغيرة في مشروع كبير اسمه حق الناس في الحياة الطبيعية.

وإذا لم يكن إنجازاً بالنسبة لي فهو محل تعجب واندهاش. أيّ معرض للكتاب في العالم هو ملتقى الناشرين والمؤلفين وصناع الثقافة. لكن يبدو أن هناك أناساً لا يفرقون بين المشغل وفرن التميس وبين معرض الكتاب. يتساوى الكتاب مع أي قطعة بلاستيكية تباع في معرض (أبو ريالين). أما المرأة بالنسبة لهم فهي كتلة واحدة متحركة سواء كانت كاتبة أو مفكرة أو أستاذة جامعية أو أمّاً كريمة أو امرأة تتسكع في الأسواق، فالحالة التي تخلقها هذه المرأة واحدة وتحتاج إلى ملاحقة ومتابعة دائمة. معرض الكتاب في الرياض هو معرض الكتاب الوحيد في العالم الذي لا تشغله مسألة الثقافة أو الوعي أو حركة النشر أو جوائز الإبداع. كلنا تفرغنا لننشغل بعباءة المرأة، بتوقيع الكاتب للمرأة بتصوير مع الكاتب بدخول المرأة مع الباب الفلاني وخروجها مع الآخر بصالة للحريم وصالة للرجال بتشكيل فرق من الشباب الأشداء للتصدي لهذا الكتلة السوداء المتحركة التي تسمى امرأة. وإذا قُدر لنا أن نستريح من للهاث والركض وراء هذه الكتلة المتحركة فسنجد أنفسنا نباشر قضيتنا الثقافية الوحيدة التي تشغل هذا المعرض دون سواه من معارض الكتب الأخرى في العالم. هناك شباب أشداء من نفس نوع الشباب المتفرغ للكتلة، فرغ نفسه مشكوراً للرقابة على الكتاب. يضعون القوائم ويحددون العناوين ويحققون مع البائعين ويستفسرون عن هذا وذاك حتى انتهوا إلى خلق حالة ذعر ثقافية غير مسبوقة. لم يعد الناشر يعرف من هو المسؤول في هذا المعرض ومن هي الجهة التي تديره ومن هي الجهة المخولة التحقيق معه ومن هي الجهة التي لها حق مصادرة الكتاب؟.. يدخل الناشر الأجنبي المملكة بإذن الجهة المسؤولة ثم تأتي جهة أخرى تفرض عليه رقابة أخرى

. المشكلة أن هذه القوة مبعثرة مشاعة لكل من يريد أن يمتلكها. يستطيع أي واحد أن يشكل من نفسه قوة ضاربة. مجرد أن يقصّر الثوب وينزع العقال، عندئذٍ سيمتلك حق الخوض في وعي الناس. يمتلك الحق الذي يؤهله تحديد القيم والثقافة والوعي والأخلاق. الكتّاب والمفكرون ومؤلفو الكتب آخر من نسمع كلامهم في هذا المكان. ليس لهم وجود في عرسهم. المعرض يتراجع سنة بعد أخرى تاركاً الوعي والثقافة ليكونا آخر اهتمامه.

فاكس : 4702164


yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد