Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/03/2008 G Issue 12957
الخميس 12 ربيع الأول 1429   العدد  12957
نوافذ
حضور.. غودو
أميمة الخميس

لم تجد الدراما في السابق لها حيزا في الجزيرة العربية، فالبنيان الدرامي المتين المتماسك الذي كان يشترط استقرارا مدنيا، وهياكل وأعمدة يعرض تحتها وبينها، كانت ينبثق عن الحضارات الزراعية المستقرة كجزء من طقوسها وممارساتها الروحية، وبالتالي لم يصل أو يؤسس له هيكلا في الصحراء.

وبما أن الفنون هي مظهر أساسي من مظاهر العمران الإنساني. يفسر بعض النقاد غياب المسرح الصحراوي، بأنه استبدل بالقصيدة حيث داخل هيكلها وأبياتها ومفرداتها, يكتمل الفعل الفني والدرامي بين الفرد ومحيطه.

لكن من خلال التوق الإنساني الدائم إلى الاكتشاف ومعابثة الأقفال، ونزوع البشر إلى مخاتلة شروط محيطهم، والقفز فوق حاجز حصارهم الزماني والمكاني, أشرعت الرياض بواباتها واسعة للدراما أو تحديدا (أبو الفنون) المسرح الأسبوع الماضي، وتألقت مدينتي بعدد من العروض المسرحية التي تحيلنا إلى أن الفعل الدرامي هو حاجة إنسانية أكيدة ومعلم حضاري أساسي.

وخلال أسبوع واحد فقط شاهدت مسرحيتين في مدينة الرياض التي تشع هذه الأيام ألقا وثقافة، المسرحية الأولى كانت أثناء حفل افتتاح الجنادرية النسائي (امرأة صريحة جدا)، من إعداد وإخراج د.هند باغفار، والمسرحية نافذة أطلت بنا على عروض حجازية قشيبة مطعمة بالفلكلور الحجازي الثري والعريق. وإن عانت نوعا ما من طول الحوار وعدم تماسك حبكتها وفصولها. أيضا في الأسبوع نفسه وأثناء افتتاح مهرجان المسرح السعودي، قدمت أثناء حفل الافتتاح لوحة مسرحية قصيرة لكنها مبهرة بعنوان (ترنيمة هاملت وجودو) للمخرجين شادي عاشور وأسامة خالد، تجمع بداخلها شخصيات مسرحية عريقة، فهناك (هاملت) البطل الشكسبيري الغاضب الساخط، و(غودو) شخصية صمويل بيكيت (رائد مسرح العبث) الشهيرة، وأبرز رموز مسرحيته (بانتظار غودو) وهي الشخصية الملتفة خلف أستار الغيب فلا تأتي فيمضي الأبطال الوقت بانتظارها، ولكنه يوم الأحد الماضي، حضر (غودو) إلى الرياض اخترق الحجب والفيافي والرمال، وتألق في الرياض، حاملا في حقيبته الكثير من أسرار (أبو الفنون).

مهرجان المسرح السعودي هو تأكيد على أن الدراما هي حاجة بشرية ملحة، وإن أتت مطعمة بنكهتنا الثقافية، وإرثنا وتاريخنا فهي حتما ستكون أبرز الواجهات الحضارية التي نقدم بها أنفسنا للعالم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد