Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/03/2008 G Issue 12957
الخميس 12 ربيع الأول 1429   العدد  12957
عوامل الصيانة وعوامل الحفز في العمل التعليمي والتربوي
أحمد بن حسين السفياني

حظي موضوع الدافعية تلك القوة الداخلية التي تحرك الإنسان وتدفعه لسلوك ما باهتمام كبير من قبل علماء النفس وعلماء الإدارة، فعلماء النفس اهتموا بدراسة موضوع الدافعية كيف تعمل؟ وكيف تتعطل؟ كما اهتم علماء الإدارة بموضوع الدافعية لاستخدامها في حفز الأفراد ودفعهم للعمل بأقصى قدر ممكن من الأداء وأعلى مستوى من الجودة.

وقد تعددت نظريات الحفز الإنساني، ومن أهم هذه النظريات نظرية ثنائية العوامل التي قدمها العالم فردريك هرزبرج

Fredrick Herzberg حيث يرى أن هناك

نوعين من العوامل بعضها محفز للعمل والأداء ومن ثم الإنتاجية العالية وتسمى بعوامل الحفز.. وبعضها تطهر بيئة العمل من التذمر والشكوى ولا تؤدي إلى إنتاجية عالية وتسمى بعوامل الصيانة.

وترتبط عوامل الحفز بالعمل نفسه وما يوفره من فرص لإشباع حاجات ذاتية في التعلم والتقدم وتحقيق الذات والإنجاز.. أما عوامل الصيانة فترتبط ببيئة العمل المادية والمعنوية.

ولعل هذه الثنائية في عوامل الحفز تفسر لنا ذلك التناقض الكبير الموجود لدى كثير من شاغلي الوظائف التعليمية.. إقبال كبير وحماس منقطع النظير للالتحاق بالوظائف التعليمية يقابله استرخاء وتكاسل وإنتاجية منخفضة بعد الالتحاق بالوظيفة.

فالمزايا المادية الجيدة الممنوحة للمعلمين من أهم الحوافز التي تحفز الأفراد إلى الالتحاق بالعمل التعليمي والتربوي إلا أن تلك المزايا تعتبر من عوامل الصيانة وبالتالي لا يؤدي ذلك إلى الرضا العالي والحماس في العمل، ولا إلى الإبداع ولا إلى الدافعية للأداء العالي، بل قد تدفعهم إلى الاسترخاء والتكاسل باعتبارها حالة طبيعية.. وإذا ما غابت تلك المزايا المادية فستؤدي إلى التذمر والشكوى من العمل وبالتالي يؤثر ذلك على مستوى الأداء سلباً.

أي أن توافر المزايا المادية الجيدة يؤدي إلى منع التذمر والشكوى من العمل، ولا يؤدي إلى إنتاجية عالية وعمل إبداعي وتطوير ذاتي.. ولا شك أن عدم الرضا الوظيفي يؤثر سلباً على مستوى الأداء، وإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد أولت اهتماماً كبيراً بعوامل الصيانة إلا أن عوامل الحفز المتعلقة بالعمل نفسه لم تحظ بنفس الاهتمام من قبل المخططين التربويين.. ولعل هذا ما يفسر انخفاض مستوى الأداء وتحقيق إنتاجية بالحد الأدنى المطلوب من الجودة النوعية.

عليه أرى أن من واجب المخططين التربويين إعطاء مزيد من الاهتمام بعوامل الحفز التي تدفع الفرد للعمل والأداء المتميز.. وأن تعيد رسم سياساتها التنظيمية والمتعلقة بتحقيق فرص التقدم في العمل لشاغلي الوظائف التعليمية.. وذلك بتبني سياسة الرتب الوظيفية للمعلمين واعتماد سياسة التدوير الوظيفي لشاغلي الوظائف التعليمية من وكلاء ومديري مدارس ومشرفين تربويين ورؤساء أقسام ومديري مركز الإشراف التربوي.. وألا تزيد مدة تكليف شاغلي الوظائف التعليمية خارج إطار المدرسة عن خمس سنوات كحد أقصى.. وذلك لإضفاء مزيد من الحيوية والنشاط والحماس والتنافس الشريف بين شاغلي الوظائف التعليمية.. فالميدان التربوي مليء بالخبرات المتميزة والمبدعة بحاجة إلى من يطلق شرارتها لتعمل وتبدع وتبتكر.. كما أن الميدان التربوي بحاجة إلى رام ماهر يقذف بالحجر في الماء الراكد ليحرك مياه النهر الراكدة ليعيد لذلك النهر صفاءه ونقاوته وعذوبته.



Al-sofiany@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد