Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/03/2008 G Issue 12960
الأحد 15 ربيع الأول 1429   العدد  12960

دفق قلم
نابليون والمولد النبوي
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

قال المؤرخ المصري (الجبرتي) في كتابه الشهير (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) وهو الكتاب الذي أشاد به العلماء من حيث الدقة واستخدام الوثائق في إثبات الوقائع: أمر نابليون بونابرت الشيخ البكري بإقامة المولد النبوي، وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي وحضر الحفل كُلَّه، ثم ذكر الجبرتي السبب في هذه العناية من نابليون بهذا النوع من الاحتفالات، قائلاً: العلَّة في حرص نابليون على إقامة الاحتفال بالمولد النبوي هي ما رآه من الخروج عن الشرائع واجتماع النساء، واتباع الشهوات، والرقص، وفعل المحرمات.

لقد توقفت وأنا أتصفح تاريخ الجبرتي عند هذا الخبر، وتأمَّلْتُ هذه العناية الخاصة من نابليون باحتفالات المولد النبوي، فخطر ببالي أن أعود إلى الوراء مستنطقاً كتب التاريخ عن بدايات الاحتفال بالمولد النبوي (مولد رسولنا الحبيب محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم) فوصلت إلى معلومات تاريخية موثَّقة أحببت أن يشاركني فيها القارئ الكريم.

يقول الشيخ محمد بخيت المطيعي في كتابه (أحسن الكلام فيما يتعلَّق بالسنَّة والبدعة من الأحكام): أول من أحدث بدعة المولد النبوي بالقاهرة الخلفاء الفاطميون أبناء عُبَيْد القدَّاح، وإليه كانوا ينسبون فيقال لهم (العُبيديون)، وأول أولئك الخلفاء قياماً بهذا الاحتفال (المعزّ) الذي توجه من المغرب إلى مصر في شوال سنة 361هـ، ووصل إلى ثغر الإسكندرية في شعبان سنة 362هـ، ودخل القاهرة لسبع ليالٍ خَلَوْن من شهر رمضان المبارك، فابتدع في مصر ستة موالد، وقيل أكثر من ذلك منها (المولد النبوي، ومولد أمير المؤمنين علي، ومولد فاطمة الزهراء، والحسن، والحسين، والخليفة الحاضر).

ويضيف المقريزي في كتابه الشهير (المواعد والاعتبار بذكر الخطط والآثار) أسماء موالد أخرى في عهد الفاطميين فيقول: كان للفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، ومنها المولد النبوي، وموالد علي وفاطمة والحسن والحسين، والخليفة الحاضر، ثم ذكر المقريزي احتفالات أخرى في ذلك العهد الذي شاعت فيه البدع وانتشرت وشغلت الناس عن دينهم الحق، ومن تلك الاحتفالات الكثيرة، الاحتفال بأول رجب ومنتصفه وأول شعبان ومنتصفه، وأول رمضان، وغرَّة رمضان وسماط رمضان وليلة الختم وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الصيف، ويوم النيروز، وخميس العدس، وأيَّام الركوبات ويحق لنا أن نعجب لهذا الإشغال الذي لا ينقطع طوال العام للدولة والناس بهذه الاحتفالات الغريبة المبتدعة.

يقول ابن كثير في (البداية والنهاية): أوَّل من ملك من الذين يسمون أنفسهم الفاطميين (المهدي) وكان هذا الرجل حدَّاداً يهودياً من سلميَّة، فدخل بلاد المغرب، وتسَّمى بعبيدالله وادَّعى النسب الشريف، وتمكن من إقامة دولته في المغرب، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مصر وكانت مدة ملكهم كما قال ابن كثير: مائتين وثمانين سنة وكسراً، أظهروا فيها البدع والخرافات وجاروا على الناس، وقال عن أوَّلهم المسمَّى (بالمهدي) كان يظهر الرَّفض، وينطوي على الكفر المحض.

أبعاد تاريخية تستحق من كل مسلم حريص على اتباع سنة الهادي -عليه الصلاة والسلام- أن يتوقف عندها ويتأمَّلها.

إشارة

أنا لست أعرف كيف يجمع عاقل

بين امتداح نبينا والطار

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد