Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/03/2008 G Issue 12963
الاربعاء 18 ربيع الأول 1429   العدد  12963

دفق قلم
الأسئلة وإنعاش الذاكرة
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

كان الصواب حليف من قال: حياة العلم المذاكرة، فالمدارسة والمذاكرة والأسئلة المثارة من أفضل وسائل إنعاش ذاكرة الإنسان المشغول وتنشيطها، واستخراج ما تراكم فيها من المعلومات، والمحفوظات، وكثيراً ما يظن الإنسان أنه قد نسي كل شيء حفظه، أو قرأه، حتى إذا فاجأه سؤال له علاقة بمعلومة مدفونة في ذاكرته شعر بأن غبار النسيان يتطاير، وبأن المعلومة تنتفض لتخرج إلى ذهن الإنسان حيّة كما كانت حين دخولها.

ولعل من أفضل الوسائل لتنشيط ذاكرة كل مثقف وصاحب علم ومعرفة أن يحرص على جلسات ماكرة تطرح فيها الأسئلة، وتجري فيها المناقشات والمساجلات التي تساعد على إخراج المعلومات من مكامنها في عقل الإنسان الباطن.

كنت في سيارتي حينما أعطاني جهاز الجوَّال إشارة قدوم رسالة من هذه الرسائل الجوالية التي لا تكاد تنقطع عن شاشات جوالات الناس هذه الأيام، وحينما وصلت إلى مكتبي استعرضت عدداً لا بأس به من الرسائل، حتى وصلت إلى رسالة تقول:

عذراً يا أبا أسامة لو أشغلتك، فلولا أنني أعرف علاقتك بالجاحظ وأمثاله من الأدباء لما وجهت إليك سؤالي، عندي صديق يؤكد لي أن كتاب (المحاسن والأضداد) ليس للجاحظ مع أني أذكر أنني رأيته عياناً بياناً في إحدى المكتبات مطبوعاً بتجليد فاخر، مكتوباً عليه اسم الأديب الساخر المجود (الجاحظ) ولأني استعجلت نشوة الانتصار على هذا الصديق بعثت إليك بهذه الرسالة.

يا له من سؤال لذيذ في زحمة مشاغل الحياة، لقد فرحت بهذا السؤال، وشعرت بقدر كبير من نشاط الذهن، وحركة الذاكرة، فبادرت صاحبي بإجابة مختصرة لأحقق له نشوة الانتصار - على حد قوله - قلت فيها: الكتاب ثابت للجاحظ ثبوت حجوظ عينيه، وتوقد ذهنه، وبراعة أسلوبه، وثبوت اعتناقه لمذهب الاعتزال في مجال الاعتقاد.

وجاءتني على الفور رسالة شكر جزيل من ذلك السائل النبيل، أما أنا فقد استرسلت في متعة تحرك الذاكرة لما سبق لي أن قرأته في هذا الشأن، فتذكرت أن الأديب (محمد كرد علي) قد جزم بتأكيد كتابة الجاحظ لكتاب (المحاسن والأضداد) بقلمه الجاحظي السيال، وأسلوبه البليغ الساخر الآسر، وهو الأمر الذي أكده ذلك المستشرق الذي عني بأدبنا العربي عناية خاصة يعرفها عشاق الأدب ومتخصصون ألا وهو المؤرخ (كارل بروكلمان) فقد ذهب إلى صحة نسبة كتاب (المحاسن والأضداد) إلى الجاحظ.

ومهما كان الاختلاف في هذا الشأن فإني أنصح كل قارئ يبحث عن متعة القراءة باقتناء هذا الكتاب وقراءته والاستمتاع بما فيه من قصص متعددة، وأخبار أدبية وطرائف ونوادر، فيها من الفائدة والفكاهة ما سيجعل لهذا الكتاب قيمة معنوية خاصة عند قارئه.

شكراً لذلك السائل الذي ألقى بهذا الحجر الجميل في بحيرة الذاكرة الراكدة.

إشارة

من رأى الشمس رأى وجه الضحى

ورأى منها الشعاع الساطعا

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد