Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/03/2008 G Issue 12964
الخميس 19 ربيع الأول 1429   العدد  12964
نوافذ
السيدة الأولى
أميمة الخميس

لاعلاقة لهذا العنوان باللقب الذي اختارت وسائل الإعلام أن تطلقه على قرينة الرئيس الأمريكي. هذا اللقب على المستوى العربي حُطَّ على هامة سيدة نجيبة ونادرة ومتميزة. بهجتي بحصول سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله على هذا اللقب ليس وطنياً أو شخصياً فقط، بل لأنني وجدت أن العرب يملكون في بعض الأحيان مقاييسهم وتقييمهم الصادق والمتجرد من توازنات وحسابات معينة أثناء توزيع الألقاب.

يوم افتتاح مشروع القراءة للجميع الذي نظَّمته وزارة التربية والتعليم, كان الحفل على شرفها والجميع بانتظارها بتحفزٍّ, ولكنها قدمت وحدها دون جلبة أو ضوضاء, دخلت بقامتها الفارعة بهدوء كنسمة صباحية, تعلو وجهها ابتسامتها الشذية التي لا تغيب, لم يكن حولها من رفيقات أو حواشي عدا حقيبتها, دوماً تكتفي بحضورها الإنساني, أعمالها, علاقتها المتينة مع الجميع، كل هذا هو حاشيتها.

عملت معها أيضاً في إصدار كُتِّيْبٍ موجهٍ للأطفال وتشرف عليه الهيئة الاستشارية في المتحف الوطني, كانت حريصة متابعة ودودة لا تغيب عنها الفكاهة والتودد الدائم لمن هم حولها.

أيضاً في مناسبة أخرى عندما تحول جزء من ريع قصة كتبتها للصغار لجمعية خيرية تشرف عليها, كانت هي أول الحضور في حفل تدشين الكتاب, مع احترام دقيق للمواعيد ليضبط الجميع ساعاتهم على حضورها.

وبقيت أشاهدها في مناسبات خيرية متعددة قائمة على الدعم الخيري وعلى العمل التطوعي, لا تغيب عنها أو تتخلف إطلاقاً, بحيث إنها حوَّلت العمل الخيري التطوعي من مجاله التشريفاتي المرتبط بالمواسم, إلى عمل مؤسساتي منظم تشرف عليه وتتابع أدق تفاصيله, بل تشارك من ينضوي تحت مؤسساتها مواسمهم وأفراحهم وطعامهم، ليس هي فقط بل ينخرط في المهمة أولادها وأفراد عائلتها.

لم أتردد للحظة واحدة بعد قراءتي لخبر حصول سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله على لقب السيدة العربية الأولى في كتابة هذا المقال, ولم أخشَ أن يفسر تحت بنود معينة, لعلمي أن هذه السيدة الأولى حينما حازت على هذا اللقب, كانت تؤسس لمشروع حضاري محلي كبير, يتم من خلال تجاوز دور النخبة التشريفي المؤقت إلى الانخراط التام في العمل الاجتماعي والتطوعي.

بإمكانها أن تنعم بمحيطها الوثير الذي يقصيها عن مهام وواجبات ومراسم وإجراءات وارتباطات ومناسبات على مدار العام, لكنها اختارت هي أنْ تُجيِّر جميع ما حول اسمها من مكانة وحضور, لخدمة العمل النسائي والتطوعي والخيري, بجلد وصبر وسعة بال نادرة.

في حفل الجنادرية النسائي الأخير, كان العرض طويلاً مما أدى بالمشاهدين أن يشعروا بالملل والفتور, وانسدلوا على المقاعد يغالبون النعاس, إلا هي فقد بقيت تحمل ضحكتها الشذية واهتمامها وألقها, وحضورها الهادئ اللطيف.

لقب السيدة الأولى في دعم قضايا المرأة والعمل الإنساني الذي نالته سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله, ليست واجهة فاخرة لسعوديات النخبة فقط،بل هي أيضاً عنوان لكل سيدة عربية واعية ومثقفة ومعطاءة اختارت أن تتجاوز حيز القصر المنيف،وتتوسط المجاميع دعماً ومبادرات وحضوراً لا ينقطع.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد