Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/04/2008 G Issue 12977
الاربعاء 03 ربيع الثاني 1429   العدد  12977
مطالب المرأة السعودية وطلب موعد لطرحها على مجلس الشورى
د. فوزية عبدالله أبو خالد

من متابعاتي كمواطنة معنية بالشأن العام محلياً على الأقل لما فيه من انعكاسات على شؤوننا اليومية الصغيرة كمواطنين؛ وذلك لمحاولة ممارسة دور فيه وإن لم يكن بشكل مشاركة عملية، فأضعف الإيمان أن تكون المتابعة من باب ممارسة رياضة ذهنية؛ لئلا نفقد لياقة المواطنة,

وأيضا من مسؤوليتي في المتابعة ككاتبة أنني لا بد أن أنغمس في المشاغل التي تهم الوطن والمواطن بتحري بلورة وطرح رأي مستقل ونزيه وموضوعي في تلك الشجون، فإنني قد لاحظت تطور بعض المظاهر الصحية في تعاطي المواطنين مع قضاياهم الاجتماعية. واللافت في هذه المظاهر المطورة من طرح القضايا الاجتماعية أنه يأتي بشكل يتجاوز البث وأنين الشكوى و(غيبة) الدولة و(نميمة) الأجهزة والأنظمة إلى البحث عن حلول عملية للمسائل الاجتماعية العالقة؛ ما آمل أن يتحول إلى ظاهرة عامة يشارك فيها المواطنون، كل حسب طاقته ومن موقعه بشراكة في الرأي وبتعاضد في العمل بين الدولة وبين المجتمع.

ومن تلك المظاهر بعض ما طُرح عبر القنوات الإلكترونية والورقية كالمواقع والصحف في محاولة تحويل بعض أحلام المواطنة المشروعة إلى واقع عملي مثل حملة (أنا بشر) التي تطمح إلى مقاومة العنف الأسري والعنف ضد المرأة بخلق مواقف إنسانية بديلة تجنح إلى توخي الحلول بوسائل سليمة في المجتمع والأسرة تحفظ الكرامة بدل تلك المواقف التي كانت تلقى قبولاً اجتماعياً يسمح بممارسة العنف داخل الأسرة إن لم تتستر عليه. وكذلك مثلما نشر عن حملة معالجة آثار (الطلاق السعودي) كما سميت، وذلك في إطار توفير الضمانات الشرعية لحقوق المواطنة السعودية المطلقة وحقوق أبناء الأسرة التي تتعرض لمثل هذه التجربة الجارحة، بما تمثل في الحملة الإعلامية الطوعية بمبادرة عدد من النساء السعوديات بما تسعى إليه الإعلامية هيفاء خالد في الدعوة إلى إصدار نظام أحوال شخصية يهدف إلى تقديم علاج جذري للوضع الاجتماعي للمطلقة السعودية وأبنائها من خلال المشاركة الجماعية وبخاصة الخبراء والمختصين في المجالات الشرعية والنظامية والقانونية والاجتماعية والنفسية في تقديم مقترح لنظام أحوال شخصية على ضوء القواعد الشرعية المنظمة لمسألة الطلاق وأحكامه. ومن خلال استحداث آليات لتوثيق هذا النظام بناء على النصوص الشرعية والأنظمة المقارنة الأخرى في العالمين العربي والإسلامي بما لا يتناقض مع الشريعة الإسلامية.

إذاً، فإن إيجاد مثل هذا النظام للأحوال الشخصية يساعد على وضع حد عملي لأضرار الطلاق على المرأة السعودية الناجمة عادة عن جهل المرأة الذاتي وربما الرجل أيضا وعدد من قطاعات المجتمع بمسألة الأحكام المتعلقة بالطلاق. كما أن وجود نظام للأحوال الشخصية يؤدي إلى الحد مما قد يكتنف الموقف تجاه هذا الموضوع من ركون للاجتهادات الفردية في القضاء، و(ليس كل رأي فردي مصيباً). ويتوخى أن يعمل وجود نظام شرعي بيّن للأحوال الشخصية على وضع حد لبعض حوادث التجاهل القضائي للجانب الشرعي في الأحكام بما يبدو فيه ارتهان للسائد والمتعارف عليه في العرف الاجتماعي أكثر من الاحتكام إلى الشرع كما في حوادث التفريق بين زوجين لعدم تكافؤ النسب.

ومن أحكام الطلاق التي يفترض خلق ثقافة شرعية بها لدى كل من المرأة والرجل والمجتمع برمته كما تقتضي خطورة الأمر إلى خلق مرجعية نظامية لها بصياغة (نظام للأحوال الشخصية) ووضع آليات نافذة لتطبيقها, ضرورة علم الزوجة بواقعة الطلاق وليس تطليقها غيابياً، ومنها أيضا ما يتعلق بالطلاق من أحكام العدة والنفقة والسكن والحضانة بناء على مصلحة الأطفال وليس لتحيزات من أي نوع أو حسب النوع الاجتماعي، مع عدم حرمان الأطفال وعدم حرمان أي من الأبوين من إقامة علاقة سوية مع الأبناء سواء اقتضت مصلحة الطفل الإقامة الدائمة مع الأب أو الإقامة الدائمة مع الأم، وإن كان هناك مواقف فقهية على أولوية حق الأم في رعاية الأطفال ما لم يكن هناك عارض بين. هذا مع ضرورة إيجاد توجه ملزم وضوابط واضحة تؤدي إلى البت العملي بمقتضى الأحكام العادلة في مسألة الطلاق لإحقاق حقوق المرأة المطلقة المكفولة شرعاً إبان وحال صدور صك الطلاق وعدم تركها على الغارب لإقامة دعاوى لاحقة قد لا تسمح بها ظروف المرأة المطلقة فيما بعد.

إن ما أشرت إليه أعلاه من حملة (أنا بشر) وحملة (الطلاق السعودي) ليست إلا مجرد عينة صغيرة، وقد لا تكون ممثلة لبعض تلك المظاهر الاجتماعية الصحية التي يجري فيها أخذ زمام المبادرة من قبل بعض الأفراد أو الجماعات المهنية أو المعنية بالشأن العام لإيجاد حلول عملية وواقعية لبعض الإشكالات الطارئة أو القديمة بالمجتمع. بيد أن هناك أمثلة أخرى لا تقل أهمية، وأرى أنها تصب في خانة توسيع نطاق المسؤولية والشراكة الاجتماعية لإيجاد حلول عملية لواقعنا. ومن ذلك ما أقدمت عليه الزميلة النشطة ناهد باشطح في منتداها الإعلامي من إقامة دورات وورش عمل لتدريب كادر نسائي على العمل الصحفي بمساندة ورعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله، وكذلك مبادرة الأميرة حصة بنت سلمان للمساهمة في تأسيس إطار أكاديمي للتدريب الإعلامي للمرأة، وكذلك ما تابعته من طرح د. ميسرة لدورات هدفها تطوير مواقف جديدة لدى جيل الشابات والشباب المزمعين دخول الحياة الزوجية عن طريق طرح قدوة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الأسرية، ومنها أيضا ذلك البرنامج الشبابي الناجح الذي يقدم فيه أحمد الشقيري صورة إيجابية وعملية للنقد ولتعديل بعض أنماط السلوك السلبي بالمجتمع. وهناك أيضا محاولة عدد من النساء ومنهن فوزية العيوني ووجيهة الحويدري لخلق (ثقافة بيئة صديقة للمرأة في الفضاء العام) لا ترى في خروج المرأة لقضاء حاجاتها الأسرية بالاعتماد على نفسها (كقيادة السيارة) إلا حقاً للمجتمع على نفسه في كفالة حق الطريق الآمن للجميع.

وقد اطلعت في هذا السياق على تجارب في مجتمعات قريبة - ولن أتوقف عند تجارب مجتمعات أخرى بعيدة - قد تكون ضالعة في هذا المضمار. ومن تجارب تلك المجتمعات القريبة في هذا الشأن تجربة محددة لنساء بجوارنا الخليجي عبر عدد من لجان وجمعيات العمل الأهلي هناك، حيث وجدت أن هناك آلية عمل ناجعة تفتح حواراً منتجاً بين المجتمع بعضه البعض وبينه وبين الجهاز الرسمي، وتتيح التوصل إلى قرارات تخرج من خلال شراكة اجتماعية في الرأي وفي العمل. ومن ذلك في مثال محدد أن عدداً من ممثلات تلك النوافذ الاجتماعية لخدمة المجتمع دأبن على أخذ موعد وأكثر مع مجلس الشورى بل ومع مجلس الوزراء ومجالس هيئة القضاء وكذلك مع الوزراء، كل في مجال اختصاصه؛ وذلك ليقوم النساء بطرح القضية المعنية وشرحها للمعنيين وتقديم المطالب المحددة بشأنها وأخذ الموافقة على ذلك أو تحديد التصاريح والصلاحيات أو نوع وحجم المؤازرة المطلوبة المتعلقة بخدمتها على مستوى الواقع العملي. ومن ذلك كمثال واحد فقط مطلب المواطنة لأبناء المرأة البحرينية لأب غير بحريني فور ولادتهم.

وقبل أن أختم مقال اليوم - وإلى أن يحين موعد مقال الأربعاء القادم الذي سأقوم فيه بتقديم مجموعة من مطالب المرأة السعودية الملحة، ألحقه بمجموعة من مطالب الشباب - هل لي أن أطلب من مجلس الشورى موعداً لطرح هذه المطالب تحت قبة المجلس لنناقشها بصوت وطني مشترك بمشاركة النساء السعوديات؛ وذلك لتتمكن المرأة السعودية من اقتراح والعمل على وضع وتطبيق حلول عملية فيما يخص بعض القضايا المجتمعية بشراكة مباركة بيننا.

وليس لي ذنب إن كان هناك من قد ينظر إلى طلب موعد للنساء مع مجلس الشورى على أنها محاولة تسلل ما دام ليس للمرأة حصة من مقاعده؛ فذلك محض استنتاج أرجو ألا يقطع الطريق على طلبي، بل يعززه ولو من باب التعويض مؤقتاً.

فإلى أن يصلني اتصال من مجلس الشورى سأعمل على نشر هذه المطالب الأسبوع القادم علَّ أن يكون فيها ما يشجع الحصول على دعوة لنقاشها بالمجلس وبحث حلول عملية لها. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.



Fowziyah@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5148 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد