Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/04/2008 G Issue 12977
الاربعاء 03 ربيع الثاني 1429   العدد  12977
ولا يزال رجال الأعمال ينشدون الرعوية
د. عقيل محمد العقيل

رأيت .. شباباً تخرجوا من الجامعات، يهرولون وراء آبائهم طلباً للرعاية لمواجهة متطلبات الحياة، ولقد وجدت معظم هؤلاء يُحمّل المجتمع والحكومة والظروف مشاكله، ويبرئ نفسه تماماً عن تحمل الأسباب، وبالتالي فهو في حِل من التفكير بها والعمل على حلها.

تذكرت هؤلاء وأن أستمع للكثير من رجال الأعمال الذين اتخمت حساباتهم بمئات الملايين من الريالات من خير هذه البلاد وهم يحملون الحكومة والمجتمع أسباب مشاكلهم بدون أن يساهموا هم بحلها - حتى وإن كانوا هم أحد أسبابها - رغم أن إمكانياتهم المالية ومكانتهم الاجتماعية تمكنهم من إيجاد الحل من خلال بناء نماذج ناجحة وطرحها، ومن خلال التواصل المباشر مع صناع ومتخذي القرار، ومن خلال قدرتهم على إقامة المنتديات والمؤتمرات والملتقيات الفكرية التي تحلل وتشخص وتطرح الأفكار العلاجية وتتابع تنفيذها، ومن خلال المساهمة في تأسيس وتشغيل مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات المهنية والإنسانية والحقوقية وغيرها.

تماماً كما الأبناء الذين ذكرتهم أعلاه، لدينا رجال أعمال حصلوا على المليارات في كنف الدولة، والغالبية من هؤلاء لم يستوعبوا أن عليهم واجباً تجاه الوطن والمجتمع، ولذلك يندر أن نرى أن أحد هؤلاء الأثرياء قد بادر إلى تبني قضية مجتمعية واستنهض الهمم للتصدي لها ومعالجتها رغم كثرة القضايا التي تحتاج لهمة وإمكانيات رجال الأعمال مثل القضايا الصحية والتأهيلية من تعليم وتدريب، والإنسانية والاجتماعية والثقافية، والاقتصادية. ومن يستمع لمعاناة القائمين على بعض مؤسسات المجتمع المدني الخيرية والإنسانية يعلم مدى ضعف رغبة رجال الأعمال في القيام بواجباتهم تجاه الوطن والمجتمع، وهذه سلبية غريبة في مجتمع مسلم.

وما لم أستطع تفسيره لماذا هذه الأنانية؟ ولماذا هذا التشبث بالمليارات حتى الرمق الأخير من الحياة، لماذا لا يكون رجال الأعمال أوفياء مع أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم رغم ما قدم لهم؟ لماذا يخنقوا البنوك العالمية بثروات بلادهم مقابل وريقات تثبت لهم ملكية المليارات التي تنعش أسواق المال العالمية دون بلادهم؟ ألم يسألوا أنفسهم لماذا خصنا الله بهذه الثروات؟ ألا يعتقدوا بأنها اختبار من الرزاق الكريم؟.. وأقول لهم كم نود أن نراكم في ساحات السباق الخيرية من أجل مجتمع راق ووطن متقدم، وأرجو الله ألا يكون حالكم عند الموت الحسرة والندامة {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(99-100) سورة المؤمنون.



alakil@hotmail.com *

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد