Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/04/2008 G Issue 12978
الخميس 04 ربيع الثاني 1429   العدد  12978
أضواء
الإعدام البطيء لأهل غزة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

المبرر الذي تعلنه القوى الدولية وبعض الدول العربية في المساهمة بحصار غزة هو إجبار لحركة حماس على إنهاء سيطرتها على قطاع غزة، وإعادة القطاع لحكم السلطة الوطنية الفلسطينية!!.

حتى بان كي مون انضم إلى (الجوقة) واعتبر حصار قطاع غزة إجراءً مقبولاً لوقف العنف وإفشال إطلاق الصواريخ، متخلياً عن دوره كحامي حمى السلام والاستقرار، وبدلاً من أن يدافع عن حق الشعوب في الحياة، يؤيد تقليص فرص الحياة ودفع شعب إلى الموت جوعاً!!.

وقد أصبح الوضع في غزة (عملياً) قتلاً جماعياً للفلسطينيين عقاباً على قبولهم بحكم حماس؛ فعن طريق تجويع أهل غزة يسعى ضاربو الحصار إلى دفع أهاليها للتمرد على حماس، ولأن هذا لم يتحقق فعلى أهل غزة دفع الثمن، والثمن هو المزيد من المعاناة التي باتت أشد من معاناة أي شعب آخر، أو أي مجموعة إنسانية على مرِّ التاريخ؛ فبالإضافة إلى المحرقة الإسرائيلية -التي توعد بها نائب وزير الحرب الإسرائيلي والتي نُفذت بوحشية فاقت ما فعله النازيّون بهم- أصبحت الأوضاع في غزة خانقة ومأساوية وكارثية، ولم تعد الأمور قابلة للاحتمال أكثر من ذلك؛ فالذي يجري في هذا القطاع المنكوب هو حكم بالإعدام البطيء والجماعي لأكثر من مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني، محاصرون خلف أسوار أكبر سجن عرفه التاريخ، سجن يتعرض يومياً للقصف بالطائرات، وغارات الدبابات والمدفعيات الإسرائيلية.

وقد أفرز هذا الحصار الظالم -الذي تساهم فيه قوى دولية عدة إضافة إلى الإسرائيليين- العديد من المشكلات التي وصلت إلى حد المأساة؛ فقطاع غزة خلال هذه الأيام يشهد أزمة وقود خانقة بعد نفاد جميع كميات الوقود، ومنع قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخال أي نوع من الوقود إلى القطاع، مما أدى إلى حدوث كارثة في أغلب قطاعات الحياة، لاسيما القطاع الصحي وتوقف المركبات والسيارات، وأعلنت لجنة إدارة الأزمات في جمعية موزعي البترول يوم الاثنين الماضي أنها ستتوقف عن استلام كميات الوقود القادمة إلى القطاع احتجاجاً على استمرار سياسة التقليص التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ويقوم عدد من أصحاب الأفران الصغيرة في قطاع غزة باستخدام الأخشاب بديلاً عن الوقود الذي نفد، في خطوة جريئة منهم لمواجهة الأزمة وضمان عدم إقفال أفرانهم التي تعد مصدر رزقهم الوحيد وملاذ الكثيرين من الناس.

وتشير الإحصائيات إلى أن الأغلبية القصوى من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة -ونسبتهم 80%- أصبحت تعيش بشكل أساسي على المعونات والدعم الخارجي، بعد انهيار الاقتصاد الفلسطيني والقطاعات التي تعد مصدر عمل الكثيرين من أرباب العائلات.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد